للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أن يهدي ثوابه لوالديه ولموتى المسلمين أو يجعل ثوابه لنفسه خاصة؟ فأجاب: أفضل العبادات ما وافق هدي رسول الله وهدي الصحابة … إلى قوله: فإذا عرف هذا الأصل فالأمر الذي كان معروفًا بين المسلمين في القرون المفضلة أنهم كانوا يعبدون الله بأنواع العبادات المشروعة فرضها ونفلها: من الصلاة والصيام والقراءة والذكر وغير ذلك، وكانوا يدعون للمؤمنين والمؤمنات كما أمر الله بذلك لأحيائهم وأمواتهم في صلاتهم على الجنازة وعند زيارة القبور وغير ذلك. وروي عن طائفة من السلف عند كل ختمة دعوة مجابة، فإذا دعا الرجل عقيب الختم لنفسه ولوالديه ولمشائخه وغيرهم من المؤمنين والمؤمنات كان هذا من جنس المشروع، وكذلك دعاؤه لهم في قيام الليل وغير ذلك من مواطن الإجابة، وقد صح عن النبي أنه أمر بالصدقة على الميت وأمر أن يصام عنه الصوم، فالصدقة عن الموتى من الأعمال الصالحة، وكذلك ما جاءت به السنة في الصوم عنهم، وبهذا وغيره احتج من قال من العلماء: إنه يجوز إهداء ثواب العبادات المالية والبدنية إلى موتى المسلمين كما هو مذهب أحمد وأبي حنيفة وطائفة من أصحاب مالك والشافعي. فإذا أهدي لميت ثواب صيام أو صلاة أو قراءة جاز ذلك. وأكثر أصحاب مالك والشافعي يقولون: إنما يشرع ذلك في العبادات المالية. ومع هذا فلم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعًا وصاموا وحجوا أو قرأوا القرآن يهدون ثواب ذلك لموتاهم المسلمين ولا لخصوصهم، بل كان عادتهم ما تقدم، فلا ينبغي العدول عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل. مجموع الفتاوى ٢٤/ ٣٢١ - ٣٢٣.
وقال ابن القيم: وبالجملة فأفضل ما يهدى إلى الميت العتق والصدقة والاستغفار له والدعاء له والحج عنه، وأما قراءة القرآن وإهداؤها له تطوعًا بغير أجرة فهذا يصل إليه كما يصل ثواب الصوم والحج، فإن قيل فهذا لم يكن معروفًا السلف ولا يمكن نقله عن واحد منهم مع شدة حرصهم على الخير لأرشدهم النبي وقد أرشدهم إلى الدعاء والاستغفار والصدقة والحج والصيام، فلو كان ثواب القراءة يصل لأرشدهم إليه، ولكانوا يفعلونه؟
فالجواب: أن مُورِدَ هذا السؤال إن كان معترفًا بوصول ثواب الحج والصيام والاستغفار قيل له: ما هذه الخاصية التي منعت وصول ثواب القرآن واقتضت وصول ثواب هذه الأعمال؟ وهل هذا إلا تفريق بين المتماثلات؟ وإن لم يعترف بوصول تلك الأشياء إلى الميت فهو محجوج بالكتاب والسنة والإجماع وقواعد الشرع، وأما السبب الذي لأجله لم يظهر ذلك عن السلف فهو إنهم لم يكن لهم أوقاف على من يقرأ ويهدي إلى الموتى ولا كانوا يعرفون ذلك البتة، ولا كانوا يقصدون القبر عند القراءة كما يفعله الناس اليوم، ولا كان أحدهم يُشهد من حضره من الناس على أن ثواب هذه القراءة لفلان الميت، بل ولا ثواب الصدقة والصوم، ثم يقال لهذا السائل لو =

<<  <  ج: ص:  >  >>