للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنها (١) كانت (٢) معنوية وإنما (٣) فقأها بالحجة، وهذا مجاز لا حقيقة له.

الثالث: أنه لم يعرفه، فظنه (٤) رجلًا دخل منزله بغير إذنه يريد نفسه فدافع عنها فلطم عينه (٥) ففقأها (٦) وتجب المدافعة في مثل هذا بكل ممكن، وهذا وجه حسن؛ لأنه حقيقة في العين والصك، قاله الإمام أبو بكر بن خزيمة (٧)، إلا أنه اعترض بما في الحديث نفسه وهو أن ملك الموت لما رجع إلى الله تعالى قال: يا رب أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، فلو لم يعرفه موسى لما صدر هذا القول من ملك الموت (٨).

الرابع: أن موسى كان سريع الغضب، وسرعة غضبه كان سببًا لصكه ملك الموت، قاله (٩) ابن العربي في الأحكام (١٠)، وهذا فاسد؛ لأن الأنبياء صلوات الله عليهم معصومون أن يقع منهم ابتداء مثل هذا في الرضى والغضب (١١).


(١) (أنها): ليست في (ظ).
(٢) في (ع، ظ): كانت عينًا.
(٣) (وإنما): ليست في (ع، ظ).
(٤) في (ع): وظنه.
(٥) في (ع، ظ): فلطمه.
(٦) في (ع، ظ): ففقأ عينه.
(٧) محمد بن إسحاق بن خزيمة، إمام الأئمة، أبو بكر السلمي النيسابوري، صاحب التصانيف: منها كتاب التوحيد، والصحيح، حدّث عنه البخاري ومسلم في غير الصحيحين، توفي سنة ٣١١ هـ، سير أعلام النبلاء ١٤/ ٣٦٥.
(٨) قال النووي: وهذا جواب الإمام أبي بكر بن خزيمة وغيره من المتقدمين، واختاره المازري والقاضي عياض، قالوا: وليس في الحديث تصريح بأنه تعمد فقء عينه، فإن قيل: فقد اعترف موسى حين جاءه ثانيًا بأنه ملك الموت، فالجواب: أنه أتاه في المرة الثانية بعلامة علم بها أنه ملك الموت فاستسلم بخلاف المرة الأولى، والله أعلم، شرح صحيح مسلم ١٥/ ١٢٩ - ١٣٠.
وقال ابن حجر: وقد جاءت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوط في صورة آدميين فلم يعرفاهم، ولو عرفهم إبراهيم لما قدّم لهم المأكول، ولما خاف عليهم لوط من قومه، كما أن الشارع أباح فقء عين الناظر في دار المسلم بغير إذنه، فتح الباري ٦/ ٤٤٢ (بتصرف).
(٩) في (ع): قال، والتصويف من (ع، ظ).
(١٠) أحكام القرآن لابن العربي ٢/ ٧٩٣.
(١١) في (ظ): في الغضب والرضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>