للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العامل الخير ليس معه حظ من العلم، ولا من أسرار الملكوت، يلج عليه عمله عقيب (١) رومان في أحسن صورة، طيب الريح، حسن الثياب، فيقول له: أما تعرفني؟ فيقول: من أنت الذي منَّ الله علي بك في غربتي؟ فيقول: أنا عملك الصالح، لا تحزن ولا توجل، فعمّا قليل يلج عليك منكر ونكير (٢): [فيسألانك (٣) فلا تدهش، ثم يلقنه حجته، فبينما (٤) كذلك إذا دخلا عليه] (٥) فينتهرانه، ويقعدانه مستندًا (٦)، ويقولان: من ربك؟ نسق الأول، فيقول: الله ربي ومحمد نبيي (٧)، والقرآن إمامي، والكعبة قبلتي، وإبراهيم أبي، وملته ملتي، غير مستعجم (٨)، فيقولان له: صدقت، ويفعلان به كالأول إلا أنهما يفتحان له بابًا إلى النار، فينظر إلى حيَّاتها، وعقاربها، وسلاسلها، وأغلالها، وحميمها وجميع غمومها، وصديدها، وزقومها (٩) فيفزع، فيقولان له: لا عليك سوء، هذا موضعك قد أبدله الله بموضعك هذا من الجنة، نم سعيدًا، ثم يغلقون عنه باب النار، ولم يدر ما مرّ عليه من الشهور والأعوام والدهور، ومن الناس من يحجم في مسألته: فإن كانت عقيدته مختلفة (١٠) امتنع أن يقول: الله ربي، وأخذ غيرها من الألفاظ، فيضربانه ضربة (١١) يشتعل منها قبره نارًا ثم تطفأ عنه أيامًا، ثم تشتعل عليه أيضًا، هذا دأبه ما بقيت الدنيا، ومن الناس من يعتاص (١٢) عليه ويعسر أن يقول: الإسلام ديني لشك كان يتوهمه، أو فتنة تقع


(١) في (ع): عقب.
(٢) في (الأصل): يلج عليك ملكان، وما أثبته من (ع، ظ، وكشف علوم الآخرة).
(٣) في (ظ): يسألانك، وفي (كشف علوم الآخرة): ويسألانك.
(٤) في (ظ): بينما.
(٥) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ، وكشف علوم الآخرة).
(٦) في (الأصل): مسندًا، وما أثبته من (ع، ظ، وكشف علوم الآخرة).
(٧) في (ظ): ونبي محمد.
(٨) قال الجوهري: فكل من لا يقدر على الكلام أصلًا فهو أعجم ومستعجم، الصحاح ٥/ ١٩٨٠.
(٩) في (ع): وزفيرها.
(١٠) في (ع): مختلة.
(١١) في (ظ): ضربة واحدة.
(١٢) اعتاص عليه الأمر: أي التوى، الصحاح ٣/ ١٠٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>