للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموتى من غير رد الأرواح إلى الأجساد، وأن الميت يجوز أن يألم، ويحس، ويعلم، وهذا مذهب جماعة من الكرَّامية (١).

وقال بعض المعتزلة: إن الله يعذب الموتى في قبورهم، ويحدث فيهم الآلام وهم لا يشعرون، فإذا حشروا وجدوا تلك الآلام، وزعموا أن سبيل المعذبين من الموتى كسبيل السكران، والمغشي عليه، لو ضربوا لم يجدوا الآلام، فإذا عاد إليهم العقل وجدوا تلك الآلام.

وأما الباقون من المعتزلة مثل: ضرار بن عمرو (٢) (٣)، وبشر المريسي (٤)، ويحيى بن كامل (٥)، وغيرهم، فإنهم أنكروا عذاب القبر أصلًا، وقالوا: إن من مات فهو ميت في قبره إلى يوم البعث (٦).

وهذه أقوال (٧) كلها فاسدة تردها الأخبار الثابتة، وفي التنزيل: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾ [غافر: ٤٦]، وسيأتي (٨) من الأخبار مزيد بيان، وبالله التوفيق والعصمة إن شاء الله تعالى.


(١) الكرَّامية أصحاب محمد بن كرَّام، نشأت بخراسان، انتهوا في إثبات الصفات إلى التجسيم والتشبيه، ودعا أتباعه إلى تجسيم، معبوده، وزعموا أن الإيمان هو الإقرار والتصديق باللسان دون القلب، وزعموا إيمان المنافقين، مقالات الإسلاميين للأشعري ص (١٤١)؛ والفرق بين الفرق للجرجاني ص (٢).
(٢) ضرار بن عمرو، شيخ الضرارية، من رؤوس المعتزلة، أنكر الجنة والنار، وعذاب القبر، شهد عليه الإمام أحمد فأُمر بضرب عنقه فهرب، هلك في زمن الرشيد، السير ١٠/ ٥٤٤.
(٣) ذكر إنكار ضرار بن عمرو القاضي عبد الجبار في كتابه: فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ص (٢٠١).
(٤) بشر بن غياث بن أبي كريمة المريسي، كان داعية للقول بخلق القرآن، وقد كفره عدة من العلماء، وصنف الإمام عثمان بن سعيد الدارمي كتابًا في الرد عليه، مات سنة ٢١٨ هـ، السير ١٠/ ٢٠٢.
(٥) لم أجد له ترجمة.
(٦) قال القاضي عبد الجبار: وأنكر مشايخنا عذاب القبر في كل حال، فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ص (٢٠٢).
(٧) في (ظ): الأقوال.
(٨) ص (٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>