للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا وفي نصوص أخرى نجده يحاول الذب عن السلف وأصحاب الحديث ومنهجهم، مع الإشادة والتأييد في الوقت نفسه بمنهج المخالفين لهم.

جاء في تفسيره (١) ما يلي: "قال ابن الحصار (٢): وإنما ظهر التلفظ بها (٣) زمن المأمون بعد المائتين، لما ترجمت كتب الأوائل، وظهر فيها اختلافهم في قدم العالم وحدوثه، واختلافهم في الجوهر وثبوته والعرض وماهيته، فسارع المبتدعون ومن في قلبه زيغ إلى حفظ تلك الاصطلاحات، وقصدوا بها الإغراب على أهل السنة، وإدخال الشُبه على الضعفاء من أهل الملة، فلم يزل الأمر كذلك إلى أن ظهرت البدعة وصارت للمبتدعة شيعة، والتبس الأمر على السلطان حتى قال الأمير بخلق القرآن، وجبر الناس عليه، وضربَ أحمد بن حنبل على ذلك، وكان مَنْ دَرَجَ (٤) مِن المسلمين من هذه الأمة متمسكين بالكتاب والسنة، معرضين عن شُبَهِ الملحدين، لم ينظروا في الجوهر والعرض وعلى ذلك كان السلف.

قلت (٥): "ومن نظر الآن في اصطلاح المتكلمين حتى يناضل بذلك عن الدين، فمنزلته قريبة من النبيين، فأما مَن يُهجن (٦) من غلاة المتكلمين طريق من أخذ بالأثر من المؤمنين، ويحض على درس كتب الكلام، وأنه لا يُعرفُ الحقُ إلا من جهتها بتلك الاصطلاحات، فصاروا مذمومين لنقضهم طريق المتقدمين من الأئمة الماضين، والله أعلم. وأما المخاصمة والجدال بالدليل والبرهان فذلك بيِّن في القرآن".

وجاء أيضًا عن المؤلف قوله كما في كتاب التذكرة (٧): "وقد كنت


(١) ٢/ ١٤٣ - ١٤٤ فقرة رقم ٢١٣، باختصار.
(٢) أحمد بن مضاء بن عبد الجبار بن مضاء، من أهل قرطبة، انظر: التكملة لكتاب الصلة ١/ ١٥.
(٣) أي: الجواهر والأعراض، وغيرها من اصطلاحات أهل الكلام.
(٤) درج هنا: بمعنى انقرض، انظر: الصحاح ١/ ٣١٣.
(٥) أي القرطبي.
(٦) التهجين: التقبيح، انظر: الصحاح ٦/ ٢٢١٧.
(٧) انظر: ص (٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>