للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن العربي (١): وبحديث الجرائد يستدل الناس على أن الأرواح في القبور تعذب، أو تنعم، وهو أبين في ذلك من حديث ابن عمر في الصحيح: "إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي"؛ لأن عرض مقعده عليه ليس فيه بيان عن موضعه الذي يراه منه، وحديث الجرائد نص على أن أولئك يعذبون في قبورهم، وكذلك حديث اليهود.

قلت: ويحتمل (٢) ما ذكرناه (٣)، والله أعلم أن يكون قوله : "ما من أحد يمر بقبر أخيه المسلم كان يعرفه في الدنيا" وروحه في قبره (٤) إلا عرفه ورد عليه السلام حتى لا تتناقض الأخبار، والله المستعان (٥).

الرابع: فإن قيل: فقد قال : "والذي نفسي بيده لو أن رجلًا قتل في سبيل الله ثم أحيي ثم قتل ثم أحيي ثم قتل وعليه دَين ما دخل الجنة حتى يقضى عنه" (٦)، وهذا يدل: على أن بعض الشهداء لا يدخلون الجنة من حين (٧) القتل، ولا تكون أرواحهم في جوف طير (٨)، ولا تكون في قبورهم، فأين تكون؟

قلنا: قد خرّج ابن وهب بإسناده عن ابن عباس عن النبي أنه قال: "الشهداء على بارق نهر (٩) بباب الجنة، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيًا" (١٠)، فلعلهم هؤلاء، أو من منعه من دخول الجنة حقوق


(١) لم أهتد إلى قوله في كتبه: عارضة الأحوذي، أحكام القرآن، قانون التأويل، سراج المريدين.
(٢) في (ع): يحتمل على.
(٣) في (ظ): ذكرنا.
(٤) في (ع): في قبره فسلم عليه.
(٥) في (ع، ظ): الله أعلم.
(٦) أخرجه النسائي في المجتبى ٧/ ٣١٤، ح ٤٦٨٤؛ والبيهقي في السنن الكبرى ٥/ ٣٥٥، ح ١٠٧٤٥؛ والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة ٣/ ٢٧٦؛ قال الألباني: حسن، انظر: صحيح النسائي له ٣/ ٩٦٩، ح ٤٣٦٧.
(٧) (حين): ساقطة في (ظ).
(٨) في (ع): طير خضر.
(٩) في (ع): عين.
(١٠) أخرجه أحمد في المسند ١/ ٢٦٦، ح ٢٣٩٠؛ وابن أبي شيبة في مصنفه ٤/ ٢٠٣، ح ١٩٣٢١؛ وعبد بن حميد في مسنده ص (٢٣٧)، ح ٧٢١، كلهم باختلاف يسير في لفظ المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>