للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متروكان، وكيف يصح ذلك وصح عن النبي أنه سمى: "كلتا يديه يمينًا" (١)، وكأن من قال ذلك أرسله من لفظه على ما وقع له، أو على عادة العرب في ذكر الشمال على مقابلة اليمين.

قال الخطابي (٢): ليس فيما يضاف إلى الله ﷿ من صفة اليد شمال؛ لأن الشمال محل النقص والضعف، وقد روي: "كلتا يديه يمين"، وليس معنى اليد عندنا الجارحة وإنما هي صفة (٣) جاء بها التوقيف فنحن نطلقها على ما جاءت ولا نكيفها وننتهي إلى حيث انتهى بنا الكتاب والسنة المأثورة الصحيحة، وهو ذهب أهل [السنة] (٤) والجماعة (٥)، وقد تكون اليمين في كلام العرب بمعنى القدرة والملك ومنه قوله تعالى: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣] يريد به الملك، وقال: ﴿لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾ [الحاقة ٤٥] أي بالقوة والقدرة، أي أخذنا قوته وقدرته (٦).

قال الفراء: اليمين القوة والقدرة (٧).

وأنشدوا (٨):

إذا ما راية رفعت لمجد … تلقاها عُرابة باليمين (٩)

وقال آخر (١٠).


(١) رواه مسلم في صحيحه ٣/ ١٤٥٨، ح ١٨٢٧؛ وابن حبان في صحيحه ١٠/ ٣٣٦، ح ٤٤٨٤؛ والنسائي في المجتبى ٨/ ٢٢١، ٥٣٧٩.
(٢) قاله في كتابه أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري ٤/ ٢٣٤٧.
(٣) نهاية البياض الذي في (ع).
(٤) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٥) لم يتضح لي لماذا أورد المؤلف هنا قول الخطابي الذي يبين فيه منهج أهل السنة والجماعة، والذي يخالفه الخطابي والمؤلف في باب الأسماء والصفات، وقد أقرَّا بأنه مذهب أهل السنة والجماعة الذي يلزم من يخالفه مخالفة أهل السنة والجماعة، لكن يبدو أنه ناتج عن عدم مقدرتهم على مواجهة النصوص الصريحة.
(٦) (قوته وقدرته) ليست في (ظ)، وفي (ع): قدرته وقوته.
(٧) معاني القرآن للفراء ٣/ ١٨٣.
(٨) في (ع): وأنشد.
(٩) أورده أبو جعفر النحاس في معاني القرآن له ٦/ ١٩١، وفي المستطرف ١/ ٢٩٨.
(١٠) ذكره البيهقي في كتابه الأسماء والصفات ٢/ ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>