للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ (١)﴾ وذلك أنهم لما بعثوا قال بعضهم لبعض: ﴿يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ صدّقوا الرسل لما عاينوا ما أخبروهم به ثم قالوا: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾ فكذَّبنا به، أقروا حين لم ينفعهم الإقرار، ثم يؤمر بحشر الجميع إلى الموقف للحساب.

وقال عكرمة (٢): إن الذين يغرقون في البحر تقتسم لحومهم الحيتان فلا يبقى منهم شيء إلا العظام فتلقيها الأمواج على (٣) الساحل فتمكث حينًا ثم تصير خالية نخرة، ثم تمر بها الإبل فتأكلها ثم تسير الإبل فتبعر، ثم يجيء قوم فينزلون فيأخذون ذلك البعر فيوقدونه، ثم تخمد تلك النار، فتجيء ريح فتلقي ذلك الرماد على الأرض، فإذا جاءت النفخة فإذا هم قيام ينظرون، يخرج أولئك وأهل القبور سواء: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً - أي نفخة واحدة - فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ [يس: ٥٣].

قال علماؤنا (٤): فالنفخ في الصور إنما هو سبب لخروج أهل القبور وغيرهم، فيعيد الله الرفات من أبدان الأموات، ويجمع ما تفرق منها في البحار وبطون السبع وغيرها حتى تصير كهيئتها الأولى، ثم يجعل فيها الأرواح فيقوم الناس كلهم أحياء حتى السقط، فإن النبي قال: "إن السقط ليظل مُحْبَنْطِيًا (٥) على باب الجنة، ويقال له: ادخل الجنة، فيقول: لا حتى يدخل أبواي" (٦)، وهو السقط


(١) في (ع): ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾، وقيل: إن الكفار هم القائلون: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ﴾.
(٢) ذكر السيوطي قوله في الدر المنثور ٧/ ٢٥٥.
(٣) في (ع، ظ): إلى.
(٤) لم أقف على القائل.
(٥) في جميع النسخ: محبنطًا، والتصويب من (مصنف عبد الرزاق، والطبراني، وغريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام)، وقال أبو عبيد في حديثه في "السقط يظل مُحْبَنْطيًا على باب الجنة، فيقال له: ادخل، فيقول: حتى يدخل أبواي". قال أبو عبيدة المُحْبَنْطِي بغير همز: هو المتَغَضِّبُ المُسْتَبْطِئُ للشيء، انظر: غريب الحديث لابن سلام ١/ ١٣٠.
(٦) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٦/ ١٦٠، ح ١٠٣٤٣؛ والطبراني في الأوسط ٦/ ٤٤، ح ٥٧٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>