للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتناثر نجومها، وطمس شمسها وقمرها، فقد ذكر المحاسبي (١) وغيره: أن ذلك يكون بعد جمع الناس في الموقف، وروي عن ابن عباس وسيأتي (٢)، وقال الحليمي في كتاب (٣) منهاج الدين (٤): فصل، فأما الكوائن يوم القيامة قبل الحساب فقد قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١)﴾ إلى قوله: ﴿عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾، وقال: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١)﴾ إلى آخرها، والذي ثبت بسياق الآيات: أن هذه الزلزلة إنما تكون بعد إحياء الناس وبعثهم من قبورهم؛ لأنه لا يراد بها إلا إذعار الناس، والتهويل عليهم فينبغي أن يشاهدوها؛ ليفزعوا منها، ويهولهم أمرها، ولا تمكن المشاهدة منهم وهم أموات، ولأنه تعالى قال: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤)﴾، أي تخبر عما عُمِلَ عليها من خير وشر: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا﴾. فدل ذلك على أن هذه الزلزلة إنما تكون والناس إحياء، واليوم يوم الجزاء، وقال تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣)[الحاقة: ١٣]، يعني الآخرة: ﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾ إلى قوله: ﴿لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٤ - ١٨]، فبدلت هذه السورة أن اصطدام الأرض والجبال لا يكون إلا بعد الإحياء، فدل أن هذه الكوائن إنما تكون بعد النشأة الثانية والله أعلم.

وأما قوله فيه يوم التناد، فقال الحسن (٥) وقتادة (٦) ذلك: يوم ينادي أهل الجنة أهل النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا، وينادي أهل النار أهل الجنة أن أفيضوا علينا من الماء، يوم تولون مدبرين، يعني عن النار أي غير فارين غير معجزين (٧) في تفسير مجاهد (٨). وقيل: معناه يوم ينادي أهل النار بالويل والثبور ويولون مدبرين من شدة العذاب، وقيل: إن ذلك نداء بعض الناس لبعضٍ في المحشر وتوليهم مدبرين إذا رأوا عنقًا من النار، قال قتادة (٩): معنى


(١) في كتاب التوهم له ص (٤١).
(٢) ص (٥١٤).
(٣) (كتاب): ليست في (ظ).
(٤) ١/ ٤٤٧.
(٥) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٨٠.
(٦) ذكره الطبري في تفسيره ٢٤/ ٦١.
(٧) في الدر المنثور للسيوطي: قادرين غير معجزين، ٥/ ٦٦٥.
(٨) ذكره الطبري في تفسيره ٢٤/ ٦٢.
(٩) ذكره الطبري في تفسيره ٦٢/ ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>