للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاكمين، وكذلك يبعث السكران سكرانًا، والزامر زامرًا، وكل أحد على الحال الذي صده عن سبيل الله، قال ومثله الحديث الذي روي في الصحيح (١): "أن شارب الخمر يحشر والكوز معلق في عنقه، والقدح بيده وهو أنتن من كل جيفة على الأرض يلعنه كل من يمر به (٢) من الخلق".

وقال أيضًا في الكتاب (٣): فإذا استوى كل أحد قاعدًا على قبره فمنهم العريان والمكسو (٤) والأسود والأبيض، ومنهم من يكون له نور كالمصباح الضعيف، ومنهم من يكون كالشمس، لا يزال كل واحد منهم مطرقًا برأسه، [لا يدري ما يصنع به] (٥) ألف (٦) عام حتى تقوم من الغرب نار لها دوي تساق فتندهش (٧) لها رؤوس الخليقة: إنسًا وجنًا، وطيرًا ووحشًا، فيأتي كل واحد من المخاطبين عمله ويقول له: قم فانهض إلى المحشر، فمن كان له حينئذ عمل جيد شخص له عمله بغلًا، ومنهم من يشخص عمله حمارًا، ومنهم من يشخص له كبشًا، تارة يحمله، وتارة يلقيه، ويجعل لكل واحد منهم نور شعاعي بين يديه وعن يمينه مثله (٨)، يسري بين يديه في الظلمات وهو قوله تعالى: ﴿يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ [الحديد: ١٢]، وليس عن شمائلهم نور بل ظلمة حالكة، لا يستطيع البصر نفاذها يحار فيها الكفار ويتردد، المرتابون، والمؤمن ينظر إلى قوة حلكتها وشدة حِنْدِسها (٩)، ويحمد الله تعالى على ما أعطاه من النور المهتدى به في تلك الشدة يسعى (١٠) بين أيديهم وبأيمانهم، لأن الله تعالى يكشف للعبد


(١) لم أقف عليه في شيء من دواوين السنة، وهو ضمن نص الغزالي.
(٢) (به) ليست في (ع).
(٣) القائل هو الغزالي في كشف علوم الآخرة ص (٥٨ - ٦١).
(٤) في (ظ): ومنهم المكسو.
(٥) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ، مصدر المصنف).
(٦) في (ع): مذ ألف.
(٧) في (ع، ظ) فتدهش.
(٨) في (الأصل): ومثله، وما أثبته من (ع، ظ، كشف علوم الآخرة).
(٩) الحِنْدِس: الظلمة، انظر: لسان العرب ٦/ ٥٨.
(١٠) في (ظ): يسعى نورهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>