للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾ [الأعراف: ٥٠]، وأن أهل الجنة ينادون (١): ﴿أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ﴾ [الأعراف: ٤٤]، وأنهم ليقولون (٢): ﴿يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ فيقول لهم: ﴿إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ [الزخرف: ٧٧]، وأنهم يقولون لخزنة جهنم: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ﴾ فيقولون لهم ﴿أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [غافر: ٥٠]، وأما العقبى والمآل فإنهم إذا قالوا: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (١٠٧)[المؤمنون: ١٠٧]، فقال الله تعالى: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨].

وكتب عليهم الخلود بالمَثَلِ الذي يضرب لهم وهو أن يؤتى بكبش أملح ويسمى الموت (٣)، ثم يذبح على الصراط بين الجنة والنار، وينادوا يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، سلبوا في ذلك الوقت أسماعهم، وقد يجوز أن يسلبوا الأبصار والكلام لكن (٤) سلب السمع يقين، لأن الله تعالى يقول: ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (١٠٠)[الأنبياء: ١٠٠] فإذا سلبوا الأسماع صاروا إلى الزفير والشهيق ويحتمل أن تكون الحكمة في سلب الأسماع من قبل أنهم سمعوا نداء الرب سبحانه على ألسنة رسله فلم يجيبوه بل جحدوه، وكذبوا به بعد قيام الحجة عليهم بصحته، فلما كانت حجة الله عليهم في الدنيا الاستماع (٥) عاقبهم على كفرهم في الأخرى بسلب الأسماع، يبين ذلك أنهم كانوا يقولون للنبي : ﴿وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾ [فصلت: ٥]، وقالوا: ﴿لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ﴾ (٦)،


(١) في (ع): ينادونهم.
(٢) في (ع، ظ): يقولون.
(٣) هذا التعبير من المؤلف يحمل في طياته معتقده من عدم قلب الأعراض أعيانًا، وقد صرح بذلك في ص (٣٨٦) من هذا الكتاب حيث يقول ومحال أن الموت ينقلب: كبشًا، لأن الموت عرض، وإنما المعنى: أن الله يخلق شخصًا يسميه الموت فيذبح بين الجنة والنار، وهكذا كلما ورد عليك في هذا الباب التأويل فيه ما ذكرت لك. وقد تم الرد على ما ذكر هناك.
(٤) في (ع): ولكن.
(٥) في (ع، ظ): الأسماع.
(٦) في (ع): ﴿وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>