للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جوارحهم بسيئاتهم فيسمعونها، وقد أخبر الله تعالى عنهم أنهم يقولون: ﴿مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾ [الكهف: ٤٩]، وأنهم يقولون لجلودهم لما شهدتم علينا، وليشاهدوا أحوال القيامة، وما كانوا مكذبين في الدنيا، من شدتها وتصرف الأحوال بالناس فيها (١).

وأما الحالة الرابعة: وهي السوق إلى جهنم، فإنهم يسلبون فيها أسماعهم وأبصارهم وألسنتهم لقوله تعالى: ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾ [الإسراء: ٩٧]، ويحتمل أن يكون قوله تعالى: ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (٤١)[الرحمن: ٤١]، إشارة إلى ما يشعرون به من سلب الأبصار والأسماع والمنطق.

والحالة الخامسة: حال الإقامة في النار، وهذه الحال ينقسم إلى بدوٍ ومآل، فبدؤها أنهم إذا قطعوا المسافة التي بين موقف الحساب وشفير جهنم عميًا، وبكمًا، وصمًا، إذلالًا لهم وتمييزًا عن غيرهم ردت الحواس إليهم ليشاهدوا النار، وما أعد لهم فيها من العذاب ويعاينوا ملائكة العذاب (٢) وكل ما كانوا به مكذبين فيستقرون في النار ناطقين سامعين مبصرين، ولهذا قال الله (٣) تعالى: ﴿وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ [الشورى: ٤٥] وقال: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧)[الأنعام: ٢٧] وقال: ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ … (٣٨) وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ﴾ [الأعراف: ٣٨، ٣٩]، وقال: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ﴾ (٤) [الملك: ٨ - ٩].

وأخبر الله (٥) تعالى أنهم ينادون أهل الجنة فيقولون: ﴿أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ


(١) (فيها): ليست في (ظ).
(٢) في (ظ): الملائكة.
(٣) (لفظ الجلالة): ليس في (ع، ظ).
(٤) في (ظ): ﴿ … قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ﴾ إلى قوله: ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾.
(٥) (لفظ الجلالة): ليست في (ع، ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>