للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إن الملائكة يحاسبون بأمر الله كما أن الحكام يحكمون بأمر الله (١) وقال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا - إلى قوله - وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٧٧]، وإن من لم يكن بهذه الصفة فإن الله يكلمه فيكلم المؤمنين ويحاسبهم حسابًا يسيرًا من غير ترجمان إكرامًا لهم، كما أكرم موسى في الدنيا بالتكليم ولا يكلم الكفار فتحاسبهم الملائكة ويميزهم بذلك عن أهل الكرامة، فتتسع قدرته لمحاسبة الخلق كلهم معًا كما تتسع قدرته لإحداث خلائق كثيرة معًا، قال الله تعالى: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لقمان: ٢٨]، أي إلا كخلق نفس واحدة.

ويروى عن علي بن أبي طالب وسئل عن محاسبة الخلق فقال: كما يرزقهم في غداة واحدة كذلك يحاسبهم في ساعة واحدة (٢).

وفي صحيح مسلم (٣) حديث أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: "هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة؟ قالوا: لا، قال: فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة؟ قالوا: لا، قال: فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم (٤) إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، قال: فيلقى العبد فيقول: أي فُل (٥) ألم أكرمك وأسوِّدك (٦)، وأزوجك (٧) وأسخِّر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع (٨)؟ فيقول: بلى، فيقول له (٩): أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا،


(١) (كما أن الحكام يحكمون بأمر الله): ليست في (ظ)، ولفظ الجلالة ساقط من الأصل وإكماله من (ع).
(٢) لم أقف عليه.
(٣) ٤/ ٢٢٧٩، ح ٢٩٦٨.
(٤) في (ع): رؤيتكم.
(٥) في جميع النسخ: أي قل، والتصويب من مصدر المؤلف، والكلمة مرخمة وأصلها: أي فلان.
(٦) أي أجعلك سيّدًا.
(٧) في (ظ): وأرزقك.
(٨) في (الأصل): ترفع، وفي (ع، ظ): ترتع، وفي كل النسخ حدث تحريف، تصويبه من صحيح مسلم.
(٩) (له): ليست في (ع، مسلم).

<<  <  ج: ص:  >  >>