للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبوس: فهو الذي يعبس فيه، سمي باسم ما يكون فيه، كما يقال: ليل قائم ونهار صائم، وكلوح الوجه وعبوسه: هو قبض ما بين العينين وتغير السَّحْنَةُ (١) عن عادتها الطلقة، يقال: يوم طلق إذا كانت شمسه نيرة فاترة، وإذا كانت شمسه مدحية قد غطاها السحاب، قيل: يوم عبوس، وأول العبوس والكلوح عند الخروج من القبور ورؤية الأعمال في الصور القبيحة كما تقدم (٢)، وآخر ذلك كلوح النار، وهو الكلوح (٣) الأعظم يشوي الوجوه ويسقط الجلود على ما يأتي، ومع العبوس تشخص (٤) الأبصار وهي (٥) ثبوتها راكدة على منظر واحد لهول لا (٦) تنتقل منه إلى غيره، كما قال سبحانه: ﴿لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ [إبراهيم: ٤٢].

ومنها: يوم تبلى السرائر، ومعناه: إخراج المخبآت بالاختبار بوزن الأعمال في الصحف وبكشف الساق عند السجود على ما تقدم (٧) ويأتي (٨) إن شاء الله تعالى.

ومنها: يوم لا تملك نفس لنفس شيئًا، وهو مثل قوله: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)[البقرة: ٤٨]، وقال: ﴿يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا﴾ [الدخان: ٤١] و ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨)[المدثر: ٣٨] لا يغني أحد عن أحد شيئًا بل ينفصل كل واحد عن أخيه وأبيه، ولذلك كان يوم الفصل، ويوم الفرار، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (١٧)[النبأ: ١٧]، وقال: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)[عبس: ٣٤ - ٣٧] أما إنه يُجزى، ويُقضى، ويُعطى، ويُغنى بغير اختياره من حسناته ما عليه من الحقوق على ما يأتي (٩) بيانه في حديث المفلس إن شاء الله.


(١) سحنة الرجل: حسن شعره ولونه، انظر: لسان العرب ١٣/ ٢٠٤، وفي (ظ): الوجه.
(٢) ص (٣٦٢).
(٣) (الكلوح): ليست في (ع).
(٤) في (ع): شخص.
(٥) في (ع): وهو.
(٦) في (ظ): ما.
(٧) ص (٥٥١).
(٨) ص (٧٤٧).
(٩) ص (٦٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>