للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد صهرته واشتد فيها كربه وأقلقته، وقد ازدحمت الأمم (١) وتضايقت ودفع بعضهم (٢) بعضًا، واختلفت الأقدام وانقطعت الأعناق من العطش، قد اجتمع عليهم في مقامهم حر الشمس مع وهج أنفاسهم وتزاحم أجسامهم، ففاض العرق منهم على وجه الأرض، ثم على أقدامهم على قدر مراتبهم ومنازلهم عند ربهم من السعادة والشقاء، فمنهم من يبلغ العرق منكبيه (٣) وحقويه ومنهم إلى شحمة أذنيه ومنهم من قد ألجمه العرق وكاد أن يغيب فيه.

قلت: ذكر المحاسبي وغيره أن انفطار السماء وانشقاقها بعد جمع الناس في الموقف، وقد قدمنا أن ذلك يكون قبل ذلك وهو ظاهر القرآن كما ذكرنا والله أعلم. وقد جاء ذلك مرفوعًا في حديث أبي هريرة ، وقد تقدم (٤)، وما ذكره المحاسبي مروي عن ابن عباس قال: إذا كان القيامة مدت الأرض مد الأديم وزيد في سعتها كذا وكذا، وجمع الخلائق بصعيد واحد جنَّهم وإنسهم، فإذا (٥) كان ذلك قبضت هذه السماء عن أهلها، فينشروا على وجه هذه (٦) الأرض، فلأهل السماء أكثر من جميع أهل الأرض جنهم وإنسهم بالضعف، الحديث بطوله ذكره ابن المبارك في رقائقه (٧) قال: أخبرنا عوف عن أبي المنهال سيار بن سلامة الرياحي قال: أخبرنا شهر بن حوشب قال: حدثني ابن عباس فذكره.

قال ابن المبارك (٨): وأخبرني (٩) جويبر عن الضحاك قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت بأهلها فتكون الملائكة على حافاتها (١٠)


(١) في (ع): ازدحمت الخلائق.
(٢) في (ع، ظ): بعضها، والأصلب يتوافق مع (م).
(٣) في (ع): إلى منكبيه.
(٤) ص (٤٨٣).
(٥) في (ع): فإن.
(٦) (هذه): ليست في (ظ).
(٧) ص (١٠١)، ح ٣٥٣.
(٨) في الزهد والرقائق له (في الزوائد) ص (١٠٣)، ح ٣٥٤.
(٩) في (ع، ظ): وأخبرنا.
(١٠) في (الأصل): حافتاها، وتصويبه من (ع، ظ، م، والزهد لابن المبارك).

<<  <  ج: ص:  >  >>