للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن مات قبل رد المظالم أحاط (١) به خصماؤه، فهذا يأخذ بيده وهذا يقبض على ناصيته وهذا يتعلق بلبته (٢) وهذا يقول: ظلمتني، وهذا يقول: شتمتني، وهذا يقول: استهزأت بي وهذا يقول: ذكرتني في الغيبة بما يسؤني، وهذا يقول: جاورتني فأسأت جواري، وهذا يقول: عاملتني فغششتني وهذا يقول: بايعتني فأخفيت عني عيب متاعك، وهذا يقول: كذبت في سعر متاعك، وهذا يقول: رأيتني محتاجًا وكنت غنيًا فما أطعمتني، وهذا يقول: وجدتني مظلومًا وكنت قادرًا على دفع الظلم فداهنت الظالم وما راعيتني، فبينا أنت كذلك وقد أنشب الخصماء فيك مخالبهم وأحكموا في تلابيبك أيديهم وأنت مبهوم (٣) من كثرتهم حتى لم يبق في عمرك أحد عاملته على درهم أو جالسته في مجلس إلا وقد استحق عليك مظلمة بغيبة أو جناية أو نظر (٤) بعين استحقار، وقد ضعفت عن مقاومتهم ومددت عين (٥) الرجاء إلى سيدك ومولاك لعله يخلصك من أيديهم، إذ قرع سمعك نداء الجبار: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ﴾ [غافر: ١٧] فعند ذلك ينخلع قلبك من الهيبة، وتوقن نفسك بالبوار وتتذكر ما أنذرك الله به على لسان نبيه محمد (٦) حين (٧) قال: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ إلى قوله: ﴿لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ [إبراهيم: ٤٢ - ٤٣] فما أشد فرحك اليوم بتمضمضك اليوم (٨) بأعراض الناس، وتناولك أموالهم، وما أشد حسرتك في ذلك اليوم إذا وقف بك على بساط العذاب (٩) وشوفهت بخطاب السيئات وأنت (١٠) فقير عاجز مهين لا تقدر على


(١) في (ظ): احتاط.
(٢) (وهذا يتعلق بلبته): ليست في (ظ)، واللبّة: هي الهَزْمة التي فَوْق الصَّدْر وفيها تُنْحَر الإبل، انظر: النهاية في غريب الحديث ٤/ ٢٢٣.
(٣) في (ع): مبهوت حائر، وفي (ظ): مبهوت متحير.
(٤) في (ع): نظرة.
(٥) في (ع): عنق.
(٦) في (ع): رسوله.
(٧) (حين): ليست في (ظ)، وفي (ع): حيث.
(٨) (اليوم): ليست في (ظ).
(٩) في (ظ): على بساط العدل.
(١٠) في (ع): وأنت مفلس.

<<  <  ج: ص:  >  >>