للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "من صلى صلاة لم يكمل فيها ركوعه وسجوده وخشوعه زيد فيها من سبحاته (١) حتى تتم" (٢).

قال أبو عمر: وهذا لا يحفظ عن النبي إلا من هذا الوجه، وليس بالقوي، وإن كان صح كان معناه: أنه خرج من صلاة قد أتمها عند نفسه وليست في الحكم بتامة، والله أعلم (٣).

قلت: فينبغي للإنسان أن يحافظ على أداء فرضه فيصليه كما أمر من تمام (٤) الركوع والسجود وحضور القلب، فإن غفل عن شيء من ذلك فيجتهد بعد ذلك في نفله ولا يتساهل فيه ولا في تركه، ومن لا يحسن أن يصلي الفرض فأحرى أن لا يحسن النفل، لا جرم، بل تنفل الناس في أشد ما يكون من النقصان والخلل من التمام لخفة النفل عندهم، وتهاونهم به، ولعمر الله لقد يشاهد في الوجود من يشار إليه ويظن به العلم تنفله كذلك بل فرضه أن ينقر نقر الديك فكيف بالجهال الذين لا يعلمون، وإذا كان هذا، فكيف يكمل بهذا التنفل ما نقص من الفرض، هيهات، هيهات. فاعلموا أن الصلاة إذا كانت بهذه الصفة دخل صاحبها في معنى قوله تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)[مريم: ٥٩].

قال جماعة من العلماء (٥): التضييع للصلاة هو (٦) أن لا يقيم حدودها من مراعاة وقت وطهارة وتمام ركوع وسجود ونحو ذلك، وهو مع ذلك يصليها ولا يمتنع من القيام بها في وقتها وغير وقتها، قالوا: فأما من تركها (٧) أصلًا ولم (٨) يصلها فهو كافر.


(١) في (ع، ظ): تسبيحاته، والأصل متوافق مع التمهيد.
(٢) أورده ابن عبد البر في التمهيد ٢٤/ ٨١، ثم قال: وهذا لا يحفظ عن النبي إلا من هذا الوجه، وليس بالقوي.
(٣) في التمهيد ٢٤/ ٨١.
(٤) في (ظ): إتمام.
(٥) ذكرهم المصنف في تفسيره ١١/ ٨٢ فقرة ١٢٢ منهم الشافعي وأحمد وإسحاق.
(٦) (هو): ليست في (ع).
(٧) في (ظ): فمن تركها.
(٨) (ولم): ساقطة من (ع، ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>