للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل على هذا (١) قوله: وبالمصورين فإنهم وإن كانوا موحدين فلا بد لهم من سؤال وحساب، وبعده يكون (٢) أشد الناس عذابًا، وإن كانوا كافرين مشركين فيكون ذكرهم تكرارًا في الكلام.

على أنا نقول: قال بعض العلماء: ذكر الله الحساب جملة وجاءت الأخبار بذلك وفي بعضها ما يدل على أن كثيرًا من المؤمنين يدخلون الجنة بغير حساب، فصار الناس إذن ثلاث فرق، فرقة لا يحاسبون أصلًا، وفرقة تحاسب (٣) حسابًا يسيرًا، وهما من المؤمنين، وفرقة تحاسب حسابًا شديدًا: يكون منها مسلم وكافر، وإذا كان (٤) من المؤمنين من يكون أدنى إلى رحمة الله فلا يبعد أن يكون من الكفار من هو أدنى إلى غضب الله فيدخله إلى النار بغير حساب (٥).

فإن قيل: فقد قال الله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)[المطففين: ١٥]، وقال: ﴿وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [القصص: ٧٨]، وقال: ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [البقرة: ١٧٤] وهذا يتناول بعمومه جميع الكفار.

قلنا: القيامة مواطن: فموطن يكون فيه سؤال وكلام، وموطن لا يكون فيه ذلك فلا تتناقض الآي والأخبار، والله المستعان.

وقال عكرمة: القيامة مواطن يسأل في بعضها ولا يسأل في بعضها (٦).

وقال ابن عباس : لا يسألون سؤال شفاء وراحة وإنما يسألون سؤال تقريع وتوبيخ: لم عملتم كذا وكذا (٧). والقاطع لهذا قوله تعالى: ﴿فَوَرَبِّكَ


(١) في (ع، ظ) ويدل عليه.
(٢) في (ع): يكونون.
(٣) في (ع): يحاسبون.
(٤) قوله: (وفرقة تحاسب حسابًا شديدًا: يكون منها مسلم وكافر وإذا كان): ليست في (ظ).
(٥) جاء في هذا الموضع في (ع، ظ): وذكر ابن المبارك في رقائقه عن شهر بن حوشب عن ابن عباس : "أن بعد أخذ النار هؤلاء الثلاثة تنشر الصحف وتوضع الموازين ويدعى الخلائق للحساب". وتأخر في الأصل بعد عدة أسطر.
(٦) ذكره البغوي في تفسيره ٤/ ٢٧٢.
(٧) ذكره البغوي في تفسيره ٤/ ٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>