للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيامة إلا دخل الجنة (١).

قالوا: ولأن الحساب إنما يراد للثواب والجزاء ولا حسنات للكافر فيجازي عليها بحسابه، ولأن المحاسب له هو الله تعالى وقد قال: ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾.

قلنا: ما روي عن عائشة وخالفها غيره في ذلك للآيات والأحاديث في ذلك، وهو الصحيح، ومعنى: ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ﴾ أي بما يحبونه، قاله الطبري (٢).

وفي التنزيل: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨]، وقد قيل: إن معنى قوله: ﴿وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [القصص: ٧٨] و ﴿لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ﴾ [الرحمن: ٣٩] (٣) سؤال التعرف ليميز المؤمنين من الكافرين، أي: أن الملائكة لا تحتاج أن تسأل أحدًا يوم القيامة، أن يقال: ما كان دينك وما كنت تصنع (٤) في الدنيا حتى يبين له بأخباره عن نفسه إنه كان مؤمنًا أو كان كافرًا، ولكن المؤمنين ناضري الوجوه منشرحي الصدور ويكون المشركون سود الوجوه زرقًا مكروبين، فهم إذا كلفوا سَوْقَ (٥) المجرمين إلى النار أو تمييزهم في الموقف، أغنتهم (٦) مناظرهم من تعرف أديانهم، ومن قال هذا فيحتمل أن يقول إن الأمر يوم القيامة يكون بخلاف ما كان (٧) قبله على ما


(١) لم أجده في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة له، قال ابن حجر: وقع في رواية لابن مردويه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا: "لا يحاسب رجل يوم القيامة إلا دخل الجنة"، وظاهره يعارض حديثها المذكور في الباب - "من نوقش الحساب عذب" - وطريق الجمع بينهما أن الحديثين معًا في الحق المؤمن ولا منافاة بين التعذيب ودخول الجنة؛ لأن الموحد وإن قضي عليه بالتعذيب فإنه لا بد أن يخرج من النار بالشفاعة، أو بعموم الرحمة، فتح الباري ١١/ ٤٠٣.
(٢) في تفسيره ٣/ ٣٢٠.
(٣) وفي (ظ): وقال: ﴿لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ﴾.
(٤) في (ع): تعمل.
(٥) في (ظ): بسوق.
(٦) في (ع، ظ): كفتهم، وفي الأصل أقرب إلى: أغنتهم، ويدل عليه ما جاء بعده بعدة أسطر: لاستغنائهم بمناظرهم.
(٧) في (ع، ظ): ما هو كائن.

<<  <  ج: ص:  >  >>