للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ينادي المنادي: أين عيسى بن مريم؟ فيؤتى به علي باب المرسلين؛ فيقول: ﴿أَأَنْتَ (١) قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ الله﴾ (٢)، ثم يحمد تحميدًا ما شاء الله ويثني عليه كثيرًا ثم يعطف على نفسه بالذم والاحتقار ويقول: ﴿سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾، فيضحك الله سبحانه ويقول: ﴿هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ﴾ [المائدة: ١١٩] يا عيسى ارجع إلى منبرك واتل الإنجيل الذي بلغك جبريل، فيقول: نعم ثم يرقى ويقرأ (٣) فتشخص إليه الرؤوس لحسن ترديده وترجيعه فإنه أحكم الناس به رواية، فيأتي به غضًا طريًا حتى يظن الرهبان أنهم ما عملوا به قط، ثم تنقسم النصارى فرقتين: المجرمون مع المجرمين، والمؤمنون مع المؤمنين.

ثم يخرج النداء: أين محمد فيؤتى به فيقول: يا محمد هذا جبريل يزعم أنه بلغك القرآن فيقول: نعم يا رب، فيقال له: ارجع إلى منبرك واقرأ فيتلو القرآن فيأتي به غضًا طريًا له حلاوة وعليه طلاوة يستبشر به المتقون وإذا وجوههم ضاحكة مستبشرة والمجرمون وجوههم مغبرة مقترة (٤)، فإذا تلا النبي القرآن توهمت الأمة أنهم ما سمعوه قط.

وقد قالوا للأصمعي (٥): تزعم أنك أحفظهم لكتاب الله تعالى فقال: يا ابن أخي يوم أسمعه (٦) من رسول الله كأني ما سمعته (٧).

فإذا فرغت قراءة الكتب خرج النداء من قبل سرادقات الجلال: ﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩)[يس: ٥٩] فيرتج الموقف، ويقوم فيه روع عظيم


(١) في جميع النسخ: أنت، والتصويب من المصحف.
(٢) هذه الآية وإلى قوله تعالى: ﴿عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ من سورة المائدة (١١٦).
(٣) في (الأصل): يقرأ ويرقى، وما أثبته من (ع، ظ، كشف علوم الآخرة).
(٤) في (ع): قترة.
(٥) حجة الأدب، لسان العرب، أبو سعيد عبد الملك بن قُريب بن عبد الملك بن علي بن أصْمَع، البصري، اللغوي الأخباري، مات سنة ٢١٦ هـ، السير ١٠/ ١٧٥.
(٦) أي يوم القيامة.
(٧) في (ع، كشف علوم الآخرة): كأني ما سمعته قط.

<<  <  ج: ص:  >  >>