ثم ينادى: أين عاد؟ فيفعل مع هود (١) كما فعل قوم نوح مع نوح، فيشهد عليهم النبي ﷺ وخيار أمته فيتلو: ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣)﴾ [الشعراء: ١٢٣] فيؤمر بهم إلى النار مثل أمة نوح، ثم ينادى يا صالح ويا ثمود، فيأتون، فيشهد صالح عند ما ينكرون، فيتلو النبي ﷺ: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١)﴾ [الشعراء: ١٤١] إلى آخر القصة، فيفعل بهم مثلهم، ولا تزال تخرج أمة بعد أمة قد أخبر عنهم القرآن بيانًا، وذكرهم فيه إشارة، كقوله تعالى: ﴿وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٨]، وقوله: ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا﴾ [المؤمنون: ٤٤] وقوله: ﴿وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ [إبراهيم: ٩]، وفي ذلك تنبيه على أولئك القرون الطاغية كقوم تارح وتارخ، ودوحا، وأسرا وما أشبه ذلك حتى ينتهي النداء إلى أصحاب الرس، وتبَّع، وقوم إبراهيم وفي ذلك لا يرفع لهم ميزان ولا يوضع لهم حساب، وهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون، والترجمان يكلمهم، لأن الرب تعالى من نظر إليه وكلمه لم يعذبه.
ثم ينادى بموسى بن عمران فيأتي وهو كأنه ورقة في ريح عاصف قد اصفر لونه واصطكت ركبتاه، فيقول له يا ابن عمران جبريل يزعم أنه بلغك الرسالة والتوراة فتشهد له بالبلاغ، قال: نعم، قال: فارجع إلى منبرك، واتل ما أوحي إليك من ربك، فيرقى المنبر ثم يقرأ فينصت له كل من في الموقف، فيأتي بالتوراة غضة طرية على حسنها يوم أنزلت حتى تتوهم الأحبار أنهم ما عرفوها يومًا.
ثم ينادي يا داود فيأتي وهو يرعد كأنه ورقة في ريح عاصف تصطك ركبتاه ويصفر لونه، فيقول الله جل ثناؤه: يا داود زعم جبريل أنه بلغك الزبور، فتشهد له بالبلاغ؟ فيقول: نعم يا رب، فيقال له: ارجع إلى منبرك واتل ما أوحي إليك، فيرقى ثم يقرأ وهو أحسن الناس صوتًا، وفي الصحيح: إنه صاحب المزامير.
(١) في جميع النسخ: ثم ينادي أين هود فيفعلون قوم هود، والتصويب من (كشف علوم الآخرة).