للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المؤلف: وذكر أبو حامد في كتاب كشف علم الآخرة (١): أن هذا يكون بعد ما يحكم الله تعالى بين البهائم، ويقتص للجماء من القرناء ويفصل بين الوحوش والطير ثم يقول لهم: كوني (٢) ترابًا، فتسوى بهم الأرض، وحينئذٍ ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ﴾ [النساء: ٤٢] ويتمنى الكافر فيقول: ﴿يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا﴾ [النبأ: ٤٠]، ثم يخرج النداء من قبل الله تعالى: أين اللوح المحفوظ؟ فيؤتى به، له هرج عظيم، فيقول الله تعالى: أين ما سطرت فيك من توراة وزبور وإنجيل وفرقان (٣)؟ فيقول: يا رب نقله مني الروح الأمين، فيؤتى به ترعد وتصطك ركبتاه، فيقول الله: يا جبريل هذا اللوح يزعم أنك نقلت منه كلامي ووحيي، أصدق؟ قال: نعم يا رب، قال: فما فعلت فيه؟ قال: أنهيت التوراة إلى موسى، وأنهيت الزبور إلى داود، وأنهيت الإنجيل إلى عيسى وأنهيت الفرقان إلى محمد وأنهيت إلى كل رسول رسالته، وإلى أهل الصحف صحائفهم، فإذا النداء يا نوح، فيؤتي به ترعد وتصطك فرائصه، فيقول له: يا نوح زعم جبريل أنك من المرسلين، قال: صدق، فقيل له (٤): ما فعلت مع قومك؟ قال: دعوتهم ليلًا ونهارًا فلم يزدهم دعائي إلى فرارًا. فإذا النداء: يا قوم نوح، فيؤتى بهم زمرة واحدة فيقال: هذا أخوكم نوح يزعم أنه بلغكم الرسالة فيقولون: يا ربنا كذب، ما بلغنا من شيء، وينكرون الرسالة، فيقول الله: يا نوح ألك بينة؟ فيقول: نعم يا رب (٥)، بينتي عليهم محمد وأمته، فيقولون له: كيف ونحن أول الأمم وهم آخر الأمم، فيؤتى بالنبي فيقول: يا محمد هذا نوح يستشهدك فيشهد له بتبليغ الرسالة، يقرأ : ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ﴾ [نوح: ١] إلى آخر السورة، فيقول الجليل جلَّ وعلا: قد وجب عليكم الحق، ﴿حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [الزمر: ٧١]، فيؤمر بهم زمرة واحدة إلى النار من غير وزن عمل ولا حساب،


(١) ص (٨٢ - ٩١) (٦١٦).
(٢) في (ع، كشف علوم): كونوا.
(٣) في (الأصل): وفرقان وإنجيل، وهو قلب، تصويبه من (ع، ظ، كشف علوم الآخرة).
(٤) في (ظ): فيقول.
(٥) (يا رب): ليست في (ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>