للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال العتبي: البله هم الذين غلب عليهم سلامة الصدور وحسن الظن بالناس وأنشد:

ولقد لهوت بطفلة ميالة ... بلهاء تطلعني على أسرارها

يعني أنها أغراء لا دهاء فيها:

قلت: ونظير ما ذكرناه وما قاله هؤلاء من الكتاب قوله تعالى {إلا من أتى الله بقلب سليم} وقوله عليه السلام وقد سئل أي الناس أفضل؟ قال: «الصادق اللسان المخموم القلب قالوا: أما الصادق اللسان فقد عرفناه أنه ذلك فما المخموم القلب؟ قال: النقي الذي لا غل فيه ولا حسد» ذكره أبو عبيده والعرب تقول خممت البيت أي كنسته ومنه سميت الخمامة وهي مثل القمامة والكناسة.

وقال بعض العلماء في البله وجهاً آخر لطيفاً وهو: أنهم سموا بذلك لقصورهم عن كمال المعرفة بحق الله تعالى ورؤية استحقاقه العبادة وإيثار طلبه والشغف بحبه وخدمته، وطلب رضاه الذي هو جنة الخلد إذا وقفوا بخواطرهم على الجنة ونعيمها، وعبدوه، وأطاعوا في نيل درجاتها ولذاتها غافلين عن مراقبة جلاله وملاحظة كماله بعكوف همهم على نيل نعمه وأفضاله، فهم بله أيضاً بالإضافة إلى العقلاء عن الله عز وجل ذوي الألباب المقبلة على مشاهدة عظمة الله تعالى، المتوجهين بكليتهم إليه المشغولين به عما لديه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في سياق قوله: «أكثر أهل الجنة البله وعليون لأولي الألباب» وفي الخبر: أن طائفة من العقلاء بالله عز وجل تزفهم الملائكة إلى الجنة

<<  <   >  >>