للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رحمة رب العالمين، فبزوال هذه الرحمة زال ما كان فيه القمر من رطوبة وأنوار ولم يبق إلا ظلمة وزمهرير، وبزوالها زال ما كان بالشمس من وضح وإشراق ولم يبق إلا فرط سواد واحتراق وبما كانا به قبل من الصفة الرحمانية كان إمهالها للعاصين وإبقاؤهما على القوم الفاسقين، وهي زمام الإمساك ولجام المنع عن التدمير والإهلاك وهي سنة الله تعالى في الإبقاء إلى الوقات والإمهال إلى الآجال إلا أن يشاء غير ذلك فلا راد لأمره ولا معقب لحكمه لا إله إلا هو سبحانه» .

قال المؤلف رحمه الله: وقد روى عكرمة عن ابن عباس تكذيب كعب الأحبار في قوله وقال: هذه يهودية يريد إدخالها في الإسلام والله أكرم وأجل من أن يعذب على طاعته ألم تر إلى قوله تعالى: {وسخر لكم الشمس والقمر دائبين} يعني دؤوبهما في طاعته، فكيف يعذب عبدين أثنى الله عليهما.

أنهما دائبان في خدمته وطاعته، ثم حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله تعالى لما أبرم خلقه إحكاماً ولم يبق غير آدم خلق شمساً وقمراً من نور عرشه» الحديث وفي آخره فإذا قامت الساعة وقضى الله في أهل الدارين، وميز أهل الجنة والنار ولم يدخلوها بعد أن يدعو الله بالشمس والقمر يجاء بهما أسودين مكورين قد وقفا في الزلازل، لأن فرائصهما ترعد من أهوال ذلك اليوم من مخافة الرحمن تبارك وتعالى، فإذا كانا حيال العرش خرا ساجدين لله تعالى، فيقولان: إلهنا قد علمت طاعتنا لك ودؤوبنا في طاعتك وسرعتنا للمضي في أمرك في أيام الدنيا، فلا تعذبنا بعبادة المشركين إيانا، فيقول الله تعالى: صدقتما إني قد قضيت على نفسي أني أبدي وأعيد إني معيدكم إلى ما بدأتكما منه فارجعا إلى ما خلقتكما منه فيقولان: ربنا مم خلقتنا؟ فيقول خلقتكما من نور عرشي

<<  <   >  >>