للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أشبعنا القول في هذا في كتاب قمع الحرص وقد بقيت.

قلت: هنا درجة ثالثة رفيعة وهي الكفاف التي سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال «اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً» وفي رواية «كفافاً» خرجه مسلم.

ومعلوم أنه عليه الصلاة والسلام لا يسأل إلا أفضل الأحوال وأسنى المقامات والأعمال، وقد اتفق الجميع على أن ما أحوج من الفقر مكروه وما أبطر من الغنى مذموم.

وفي سنن ابن ماجه «عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من غني ولا فقير إلا يود يوم القيامة أنه أوتي من الدنيا قوتاً» الكفاف: حالة متوسطة بين الغنى والفقر، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «خير الأمور أوسطها» فهي حالة سليمة من آفات الغنى المطغى وآيات الفقر المدقع الذي كان يتعوذ منهما النبي صلى الله عليه وسلم فكانت أفضل منهما.

ثم إن حالة صاحب الكفاف حالة الفقير الذي لا يترفه في طيبات الدنيا ولا في زهرتها، فكانت حاله إلى الفقير أقرب.

لقد حصل له ما حصل للفقير من الثواب على الصبر وكفى مرارته وآفاته، وعلى هذا فأهل الكفاف هم إن شاء الله صدر كتيبه الفقراء الداخلين الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام لأنهم وسطهم، والوسط العدل كما قال الله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس} أي عدولاً خياراً وليسوا من الأغنياء كما ذكرنا.

<<  <   >  >>