للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: معنى الكلام: التمثيل والتشبيه، فشبه عظم الذنوب وثقلها بعقبة، فإذا أعتق رقبة، وعمل صالحًا كان مثله كمثل من اقتحم العقبة، وهي الذنوب التي تضره وتؤذيه وتثقله، فإذا أزالها بالأعمال الصالحة والتوبة الخالصة (١) يستوي عليها ويجوزها.

قلت: وهذا حسن.

قال الحسن: هي والله (٢) عقبة شديدة: مجاهدة الإنسان نفسه وهواه وعدوه الشيطان (٣).

وأنشد بعضهم (٤):

إني بليت بأربع يرمينني … بالنبل قد نصبوا علي شراكا

إبليس والدنيا ونفسي والهوى … فمن أين أرجو (٥) بينهن فكاكا

يا رب ساعدني بعفو إنني … أصبحت لا أرجو لهن سواكا

وينشد (٦) أيضًا:

إني بليت بأربع يرمينني … بالنبل عن قوس لها توتير

إبليس والدنيا ونفسي والهوى … يا رب أنت على الخلاص قدير

قلت: فمن أطاع مولاه وجاهد نفسه وهواه [وخالف شيطانه ودنياه] (٧) كانت الجنة نزله ومأواه، ومن تمادى في غيه وعصيانه، وأرخى في الدنيا زمام طغيانه، ووافق نفسه وهواه في مناه ولذاته وشيطانه في جميع شهواته] (٨) كانت النار أولى به، قال الله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١)[النازعات: ٣٧ - ٤١].


(١) في (الأصل): والتوبة الصالحة، والتصويب من (ع، ظ، م).
(٢) في (الأصل): والله هي، وما أثبته من (ع، ظ، م).
(٣) ذكره الماوردي في تفسيره ٦/ ٢٧٨.
(٤) لم أقف على من أنشده.
(٥) في (الأصل): في من أرجى، والتصويب من (ع، ظ، م).
(٦) في (ظ): وأنشد، لم أقف على من أنشده.
(٧) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ)، الأصل متوافق مع (م).
(٨) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ)، والأصل متوافق مع (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>