للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحيط ببلاد الأندلس في حكم الموحدين أربع ممالك هي: قشتالة، وليون، وأراجون، ونافارا، وهذه الممالك تمثل في مجموعها ممالك الإسْبان النصرانية، التي دخلت فيما بعد في صراعٍ مريرٍ مع دولة الموحدين صاحبة السيادة على الأندلس المسلمة (١).

بدأت دولة الموحدين قوية بقوة دعاتها وحكامها الأوائل، ولكن لأسباب كثيرة ضعفت قوتها، ومن أهم أسباب هذا الضعف: الفتن والانقسامات والثورات الداخلية.

وقد نقل صاحب نفح الطيب قول أحد المؤرخين في وصف حال بلاد الأندلس بعد تفككها: "ولم تزل هذه الجزيرة منتظمة لمالكها في سلك الانقياد والوفاق إلى أن طما (٢) بمترفيها سيل العناد والنفاق، فامتاز كل رئيس منهم بصُقْع (٣) كان مسقط رأسه، وجعله مَعْقِلًا (٤) يعتصم فيه من من المخاوف بأَفْرَاسِهِ (٥)، فصار كل منهم يشن الغارة على جاره، ويحاربه في عُقْرِ دارِهِ (٦)،


= في التوحيد، وعقيدةً تسمى المرشدة" البداية والنهاية ١٢/ ١٨٦؛ وقال عبد الواحد المراكشي: "وكان جل ما يدعو إليه: علم الاعتقاد على طريق الأشعرية، وكان أهل المغرب ينافرون هذه العلوم ويعادون من ظهرت عليه شديدًا. وجعلَ يذكرُ المهديَّ وشوَّق إليه، وجمع الأحاديث التي جاءت فيه من المصنفات، فلما قرر في نفوسهم فضيلة المهدي ونسبه ونعته، ادّعى ذلك لنفسه، وقال: أنا محمد بن عبد الله، ورفع نسبه إلى النبي ، وصرح بدعوى العصمة لنفسه، وأنه المهدي المعصوم، وروى في ذلك أحاديث كثيرة حتى استقر عندهم أنه المهدي، وبسط يده فبايعوه على ذلك. توفي ابن تومرت المذكور في شهور سنة ٥٢٤ هـ، بعد أن أسس الأمور وأحكم التدبير ورسم لهم ما هم فاعلوه"، انظر: المعجب في تلخيص أخبار المغرب ص (١٨٤، ١٨٧، ١٩٤).
(١) انظر: دولة الإسلام في الأندلس القسم الثاني: عصر الموحدين وانهيار الأندلس الكبرى لمحمد عنان ص (٥٨٣).
(٢) من طما الماء إذا ارتفع، الصحاح للجوهري ٦/ ٢٤١٥.
(٣) الصُقْعُ بالضم: الناحية، الصحاح ٣/ ١٢٤٣.
(٤) المَعْقِل: الملجأ، الصحاح ٥/ ١٧٦٩.
(٥) أَفْرَاس جمع فَرَس، الصحاح ٣/ ٩٥٧. ولعل المراد الفرسان الذين يحمونه.
(٦) عُقْرُ الدار بضم العين وفتحها: أصلها، وهو مَحَلّة القوم، الصحاح ٢/ ٧٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>