للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمنزلة البُر عندنا، لأن النخل عامة قوتهم، والرمان كالثمرات، وكان يكثر غرسها عندهم لحاجتهم إليه، وكانت الفواكه عندهم من ألوان الثمار التي يعجبون بها فإنما ذكر الفاكهة، ثم ذكر (١) النخل والرمان لعمومهما وكثرتهما عندهم من المدينة إلى مكة إلى ما والاها من أرض اليمن، فأخرجهما في الذكر من الفواكه وأفرد الفواكه على حدتها.

وقوله: ﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (٧٠)﴾ يعني النساء الواحدة خَيْرة.

قال الترمذي: فالواحدة خيرة ما اختارهن الله فأبدع خلقهن باختياره، فاختيار الله لا يشبه اختيار الآدميين، ثم قال: ﴿حِسَانٌ﴾ فوصفهن بالحسن، فإذا وصف خالق الشيء شيئًا بالحسن فانظر ما هنالك، فمن ذا الذي يقدر أن يصف حسنهن، وفي الأوليين ذكر بأنهن ﴿قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ و ﴿كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨)﴾ فانظر كم بين الخيرة وهي مختارة الله وبين قاصرات الطرف ثم قال: ﴿حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (٧٢)﴾ وقال في الأوليين: ﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ فقصر طرفهن على الأزواج ولم يذكر أنهن مقصورات فدل على أن المقصورات أعلى وأفضل، وقد بلغنا في الرواية أن سحابة قطرت من العرش، فخلقهن من قطرات الرحمة، ثم ضرب على كل واحدة خيمة على شاطئ الأنهار سعتها أربعون ميلًا وليس لها باب، حتى إذا حلّ ولي الله بالخيمة انصدعت الخيمة عن باب ليعلم ولي الله أن أبصار المخلوقين من الملائكة والخدم لم تأخذها فهي مقصورة، قد قصر بها عن أبصار المخلوقين، والله أعلم.

ثم قال: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ﴾ اختلف في الرفرف ما هو، فقيل: كسر الخباء وجوانب الزرع، وما تدلى منها، الواحدة رفرفة، وقيل: الرفرف شيء إذا استوى عليه صاحبه رفرف به وأهوى به كالمرجاح (٢) يمينًا وشمالًا ورفعًا وخفضًا، يتلذذ به مع أنيسته، فاشتقاقه على هذا من رفّ يرف إذا ارتفع، ومنه


(١) (ذكر): ليست في (ظ).
(٢) المرجاح من الترجح، وهو التذبذب بين شيئين: انظر: لسان العرب ٢/ ٤٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>