للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رفرفة الطائر لتحريك جناحيه في الهواء وربما سمي الظَلِيم (١) رفرافًا بذلك؛ لأنه يرفرف بجناحيه ثم يعدو، ويرفرف الطائر أيضًا إذا حرك جناحيه حول الشيء يريد أن يقع عليه.

قال الترمذي الحكيم (٢): فالرفرف أعظم خطرًا من الفرش، فذكر في الأوليين: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ﴾.

وقال هناد (٣): ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾، فالرفرف هو مستقر الولي على شيء إذا استوى عليه الولي رفرف به أي طار به هكذا، وهكذا حيث ما يريد كالمرجاح.

وروي لنا في حديث المعراج أن رسول الله لما بلغ سدرة المنتهى جاءه الرفرف فتناوله من جبريل وطار به إلى ستر العرش، فذكر أنه طار بي يحتضني ويرفعني حتى وقف بي على ربي، ثم لما حان الانصراف، تناوله فطار به خفضًا ورفعًا يهوي به حتى إذا أتى إلى جبريل صلوات الله عليهما وجبريل يبكي ورفع صوته بالتمجيد، فالرفرف خادم من الخدم بين يدي الله تعالى، له خواص الأمور في محل الدنو والقربة، كما أن البراق دابة يركبها الأنبياء مخصوصة بذلك في أرضه، فهذا الرفرف الذي سخره الله لأهل الجنتين الدانيتين هو متكأهما وفرشهما يرفرف بالولي على جانبات تلك الأزهار وشطوطها حيث شاء إلى خيام أزواجه الخيرات الحسان.

ثم قال: ﴿وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ﴾، والعبقري: ثياب منقوشة منبسطة، فإذا قال خالق النقوش بأنها حسان فما ظنك بتلك العباقر، والعبقر قرية بناحية اليمن فيما بلغنا ينسج بها بسط منقوشة، فذكر الله ما خلق في تلك الجنتين من البسط المنقوشة الجنان والرفرف الخضر، وإنما ذكر لهم من الجنان ما يعرفون أسماءها هنا، فبان تفاوت هاتين الجنتين.


(١) الظليم: الذكر من النعام، الصحاح للجوهري ٥/ ١٩٧٨.
(٢) لم أجده في نوادر الأصول المطبوع.
(٣) ذكر هناد في زهده ١/ ٨١ معنى الرفرف، وليس فيه ما أورده المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>