وقال أبو داود: حديث أبي معاوية أصح والعمل عليه، وأرى الوهم في حديث مجمع أنه قال: ثلاث مئة فارس، وكانوا مئتي فارس. قلنا: حديث أبي معاوية الذي أشار إليه هو حديث ابن عمر الذي سلف برقم (٤٤٤٨) ، وفيه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم، سهماً له، وسهمين لفرسه. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. ونقل ابن القيم في "زاد المعاد" ٣/٢٩٤ عن البيهقي قوله: والذي رواه مجمع بن يعقوب بإسناده في عدد الجيش وعدد الفرسان قد خولف فيه، نفي رواية جابر وأهل المغازي: أنهم كانوا ألفاً وأربع مئة، وهم أهل الحديبية، وفي رواية ابن عباس، وصالح بن كيسان، وبُشَير بن يسار وأهل المغازي أن الخيل كانت مئتي فرس، وكان للفرس سهمان، ولصاحبه سهم، ولكل راجل سهم. قلنا: وبحديث مجمع احتج لأبي حنيفة في قوله: للفارس سهمان، فقد ذكر الحافظ في "الفتح" ٦/ ٦٨ أن محمد بن سحنون قال: انفرد أبو حنيفة بذلك دون فقهاء الأمصار، قلنا: وقد ذكر الإمام الحافظُ جمالُ الدين عبدُ الله بن يوسف الزيلعيُّ في كتابه العظيم "نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية" ٣/٤١٦- ٤١٨ الأحاديث التي اسْتُدِلَ بها لقولِ أبي حنيفة رحمه الله، ثم تكلَّم عليها، وأبان عن عللهما وانتهى إلى ضعفها. وكذلك فعل البدرُ العيني في "البناية شرح الهداية" ٥/٧١٩-٧٢٣، في الأحاديث التي استدل بها صاحب "الهداية" لقول أبي حنيفة، فضعفها كُلَّها، وبيَّن أنه لا تُقاومُ حديثَ ابن عمر المتفق على صحته الذي ينص على أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جعل للفرسِ سهمين ولصاحبه سهماً. قال السندي: قوله: ينفرون: من التنفير: أي يصرفونها عن جهة مَقْصِدِها ليجمعوها في مكان واحد. والأباعر: جمع بعير. =