للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَدِيثُ عِصَامٍ الْمُزَنِيِّ (١)


أمره لعلها أن يخرص النخل إلا العرايا، ورجاله ثقات، لكنه مرسل.
قال السندي: قوله: "إذا خرصتم فجدُّوا" هكذا لفظ الحديث في نسخ "المسند" بجيم ودال مشددة من الجد، بمعنى القطع، أي: اقطعوا الثمار، وبتكرار "دعوا"، والذي في الترمذي وغيره: "إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث، فدعوا الربع"، بلفظ الأمر من الأخذ، وبلا تكرار وهو
أظهر.
وقوله: "وتدعوا" أي الثلث، ولفظه "دعوا" أمر من ودع، بمعنى ترك.
والخرص: تقدير ما على النخل من الرطب تمراً، وما على الكرم من العنب زبيباً ليعرف مقدار عُشره، ثم يخلى بينه وبين مالكه، ويؤخذ ذلك المقدار وقت قطع الثمار، وفائدته التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها، وهو جائز عند الجمهور، خلافاً للحنفية لإفضائه إلى الربا، وحملوا أحاديث الخرص على أنها كانت قبل تحريم الربا، وقد سبق في مسند جابر حديث في النهي عنه.
"ودعوا الثلث": أي من القدر الذي قررتم بالخرص، وبظاهره قال أحمد وإسحاق وغيرهما، وحمل أبو عبيدة الثلث على قدر الحاجة، وقال: يترك قدر احتياجهم، ومشهورُ مذهب الشافعي ومالك أن لا يترك لهم. وقال ابن العربي: المتحصل من صحيح النظر أن يُعمل بالحديث. وقال الخطابي: إذا أخذ الحق منهم مستوفى أضرَّ بهم، فإنه يكون منها الساقطة والهالكة وما يأكله الطير والناس. وقيل: معنى الحديث: إن لم يرضوا بخرصكم فدعوا لهم الثلث أو الربع ليتصرفوا فيه ويضمنوا لكم حقه، وتتركوا الباقي إلى أن يجف فيؤخذ حقه، لا أنه يترك لهم بلا خرص ولا إخراج. وقيل: اتركوا لهم ذلك ليتصدقُوا على جيرانهم ومن يطلب منهم، لا أنه لا زكاة عليهم في ذلك، والله تعالى أعلم.
(١) قال السندي: عصام المزني، قال البخاري: له صحبة، وذكره ابن سعد في طبقة أهل الخندق.