قلنا: وهو الصواب، لأن رواية ابن لهيعة هذه مخالفة لرواية عمرو بن الحارث السالفة برقم (١٦٤٦٧) وفيها: بماء غير فضل يده، أي بماء جديد، ورواية ابن لهيعة هذه تدل على أن مسح الرأس لم يكن بماء جديد، بل بما بقي من بلل اليدين، وقد أشار إلى هذا الاختلاف الإمام أحمد في هذه الرواية بقوله: فذكر معنى حديث حسن إلا أنه قال: ... وحديث حسن بن موسى الأشيب سلف برقم (١٦٤٥٩) ، وهو موافق لرواية عمرو بن الحارث، وكذلك رواه عن ابن لهيعة موسى بن داود الضبي كما سلف برقم (١٦٤٤٠) ، وهو ما تابعهما عليه يحيى بن حسان عند الدارمي، وقد سلف في تخريج الرواية رقم (١٦٤٥٩) ، ورواية هؤلاء عن ابن لهيعة ضعيفة، لأنهم سمعوا منه بعد احتراق كتبه، بخلاف روايتنا هذه والتي سمعها عبد الله بن المبارك منه قبل احتراق كتبه، فسماعه منه صحيح، وفيها يتوضح الخلاف بين رواية ابن لهيعة ورواية عمرو ابن الحارث. وقد أشار كذلك إلى هذا الاختلاف الإمام الترمذي عقب الحديث رقم (٣٥) ، وقال: ورواية عمرو بن الحارث عن حبان أصح. إلا أن النسخ التي اعتمدها الشيخ أحمد شاكر في تحقيق سنن الترمذي اضطربت في ضبط هذه الكلمة "غَبَرَ" فجاءت في بعض أصوله: "غير"- كما اضطربت في نسخ المسند كما أشرنا- فرجح الشيخ أحمد شاكر كلمة "غير"- وهي التي توافق رواية عمرو بن الحارث- وأسرع إلى تخطئة الترمذي في ترجيحه رواية عمرو بن الحارث على رواية ابن لهيعة قائلاً: "والصواب أن رواية ابن لهيعة كرواية عمرو بن الحارث " وقد استشهد بما رواه الإمام أحمد في "مسنده"، واغتر بما في نسخة (م) منه، وقدَّمها على بعض أصوله التي جاءت فيها الكلمة على الصواب، متهماً الترمذيَّ بأن نَقْلَه "نَقْلٌ غير صواب"، وهذه جرأة منه- رحمه الله- غير مرغوبة في هذا الباب.