ويشهد له ما رواه الزهري عن ابن كعب بن مالك ورجال من أهل العلم: أن ملاعب الأسنَّة- واسمه عامر بن مالك- جاء إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهديَّهَ، فعرض عليه الإسلام، فأَبى أن يُسلم، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إني لا أقبل هدية مشرك". أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" ٥/٣٨٢، وأبو عبيد (٦٣١) ، وعنه ابن زنجويه (٩٦٤) . قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" ٥/٢٣٠: رجاله ثقات إلا أنه مرسل، وقد وصله بعضهم عن الزهري ولا يصح. ويعارضه حديث أنس بن مالك الصحيح: أن أُكيدر دومة أهدى إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّة سُندُس، وفي بعض الروايات: فلبسها، وذلك قبل أن ينهى عن الحرير. وحديث أنس في "الصحيحين"، وسلف عند المصنف بالأرقام (١٢٠٩٣) و (١٢٢٢٣) و (١٣١٤٨) و (١٣٤٩٢) من طرق عنه. قال الحافظ في "الفتح" ٥/٢٣١: وجمع بينها الطبري بأن الامتناع فيما أُهدي له خاصة، والقبول فيما أُهدي للمسلمين، وفيه نظر لأن من جملة أدلة الجواز ما وقعت الهدية فيه له خاصة، وجمع غيره بأن الامتناع في حق من يريد بهديته التردد والموالاة، والقبول في حق من يرجى بذلك تأنيسه وتأليفه على الإسلام، وهذا أقوى من الأول. وقيل: يحمل القبول على من كان من أهل الكتاب، والرد على من كان من أهل الأوثان. وقيل: يمتنع ذلك لغيره من الأمراء، وأن ذلك من خصائصه. ومنهم من ادعى نسخ المنع بأحاديث القبول، ومنهم من عكس. وهذه الأجوبة الثلاثة ضعيفة، فالنسخ لا يثبت بالاحتمال ولا التخصيص.