وانظر حديث عمر السالف برقم (٣١١) . قوله: "ثم أقره"، قال السندي: أي: أثبته وأَدِمْه، وفي رواية الباوردي: ثم اصبر حتى تلقَاني، كذا في "الإصابة"، أي: فقَد بُشِّرت بلقاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأي خوف عليك. وقوله: "هذه لهذه"، أي: أحدهما للجنة والأخرى للنار. وقوله: "فلا أدري"، أي: فلا يتم شرط البشارة مني إلا إذا كنت في قبضة الجنة، وإلا فلا بد يحصل فيه خلل مني، وبالجملة فالنظر في التقدير يُنسي البشارة لجواز كونها مقيدة بقيد غير مذكور، أو لجواز فوات المذكور ونحو ذلك. قلنا: وليس في هذا الحديث وما كان من بابته ما يدل على أن الإنسان مجبور على أعماله التكليفية، وإنما يفيد أن الله يعلم الأشياء قبل وقوعها، وأن من كان في قبضته اليمنى علم الله أنه سيكون مؤمناً مطيعاً مخبتاً، فجعله من أهل اليمين، ومن كان في قبضته اليسرى علم أنه سوف يكفر بآيات الله، ويعبد من سواه، وينقاد إلى هواه، فجعله من أهل الشمال. والعلم صفة كاشفة غير مؤثرة كما هو مبين في محله.