قلنا: الذي في الصحيح من حديث عائشة عند البخاري (٣٩٠٥) أن قوله عليه الصلاة والسلام: "أريت دار هجرتكم ذات نخل"، إنما كان للهجرة إلى المدينة، قالت عائشة: فهاجر من هاجر قِبَل المدينة، ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة. أما قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الهجرة إلى الحبشة فهو ما رواه ابن إسحاق- فيما نقله ابن هشام في السيرة ١/٣٢١ أن رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكاً لا يُظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه". وأخرج ابن سعد في "الطبقات" ١/٢٠٣ عن الزهري قال: لما كثر المسلمون، وظهر الإيمان وتُحدث به، ثار ناس كثير من المشركين من كفار قريش بمن آمن من قبائلهم، فعذبوهم وسجنوهم، وأرادوا فتنتهم عن دينهم، فقال لهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تفرقوا في الأرض" فقالوا: أين نذهب يا رسول الله؟ قال: "ها هنا" وأشار إلى الحبشة، وكانت أحب الأرض إليه أن يُهاجر قِبَلَها. (١) إسناده حسن من أجل أبي بَلْج، وقد سلف الكلام عليه في الرواية رقم (١٥٤٥١) ، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يرو له غير أصحاب السنن سوى أبي داود. عفان: هو ابن مسلم الصفار، وأبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (٦٢٩) ، والطبراني في "الكبير" ١٩/ (٥٤٢) من طريقين عن أبي عوانة، بهذا الإسناد. وقد سلف برقم (١٥٤٥١) .