للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَوَافَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللهِ. فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قُلْتُ: هَلْ أَنَى الرَّحِيلُ (١) .

قَالَ: فَارْتَحَلْنَا، وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا. فَقَالَ: " لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا " حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَّا فَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قَدْرُ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا. وَبَكَيْتُ، قَالَ: " لِمَ تَبْكِي؟ " قَالَ: قُلْتُ: أَمَا وَاللهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَيْكَ. قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " اللهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ ". فَسَاخَتْ قَوَائِمُ فَرَسِهِ إِلَى بَطْنِهَا فِي أَرْضٍ صَلْدٍ، وَوَثَبَ عَنْهَا، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يُنْجِّيَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَوَاللهِ لَأُعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ مِنْهَا سَهْمًا، فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ بِإِبِلِي وَغَنَمِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا ". قَالَ: وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُطْلِقَ، فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ.

وَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ، فَخَرَجُوا فِي الطَّرِيقِ، وَعَلَى الْأَجَاجِيرِ، فَاشْتَدَّ الْخَدَمُ وَالصِّبْيَانُ فِي الطَّرِيقِ يَقُولُونَ: اللهُ أَكْبَرُ، جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَاءَ مُحَمَّدٌ. قَالَ: وَتَنَازَعَ


(١) في (ظ ١١) : أنى للرحيل، وفي (ص) : آن للرحيل. وقوله: " ثم قلت: هل أَنى الرحيل "، قال السندي: أي: هل جاء وقتُه، وأَنَى كرَمَى، ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} ، وفي بعض النسخ: " ثم قلت " والصواب: " قال " كما قي ترتيب المسند وصحيح مسلم. قلنا: وكذا في صحيح البخاري.