نقل ابن حزم استحباب التدمية عن ابن عمر وعطاء. ولم ينقل ابن المنذر استحبابها إلا عن الحسن وقتادة، بل عند ابن أبي شيبة (في "مصنفه" ٨/٨٩) بسند صحيح عن الحسن: أنه كره التدمية. قوله: "رهينة" أي: مرهون محبوس، قال الخطابي: اختلف الناس في هذا، وأجود ما قيل فيه ما ذهب إليه أحمد بن حنبل، قال: هذا في الشفاعة، يريد أنه إذا لم يعق عنه فمات طفلاً لم يشفع في والديه. وقال في "النهاية": المعنى أن العقيقة لازمة له لا بد منها، فشبه المولود في لزومها له وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن. وقال التوربشتي: أي أنه كالشيء المرهون، لا يتمُ الانتفاع به دون فكهِ، والنعمة إنما تتم على المنعَم عليه بقيامه بالشكر، ووظيفة الشكر في هذه النعمة ما سنَّهُ نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أن يعق عن المولود شكراً لله تعالى، وطلباً لسلامة المولود، ويحتمل أنه أراد بذلك أن سلامة المولود ونشأَه على النعت المحمود رهينة بالعقيقة، وقال: وما ذكره أحمد فلا يفهم من لفظ الحديث إلا أن يكون التقدير شفاعة الغلام لأبويه مرهونة بعقيقته، وذاك بعيد. وردَّه الطيبي أن ما ذكره بقوله: لا يتم الانتفاع به دون فكه يقتضي عمومه في الأمور الأخروية والدنيوية، ونظر الأولياء مقصور على الأول، وأولى الانتفاع بالأولاد في الآخرة شفاعة الوالدين، أي: فحمله أحمد على ذلك، وقال: ما ذكره أحمد مروي عن قتادة أيضاً. وقال ابن القيم: اختُلف في معنى الارتهان، فقال طائفة: هو مَحبُوسٌ عن الشفاعة لوالديه، قاله عطاء، وتبعه أحمد، وفيه نظر لا يخفى، إذ لا يقال لمن لا يشفع لغيره: إنه مرتهن، ولا في اللفظ ما يدل على ذلك، والأولى أن يقال: إن العقيقة سبب لفك رهانه من الشيطان الذي تعلق به من حين خروجه من الدنيا، وطعنه في خاصرته، ومراده بذلك أن يجعله في قبضته وتحت أسْرِهِ ومن جُملة أوليائه، فشرع للوالدين العقيقة فداءً وتخليصاً له من جس الشيطان له، ومنعه من السعي في مصالح آخرته، فإن ذَبَحَ فذاك، وإلا بقي مرتهناً،=