وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" ٢/٢٠٩، والنسائي ٦/٥٢ من طريق داود الطائي، عن عبد الملك بن عمير، عن جَبْر: أنه دخل مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ميت فبكى النِّساء ... ورجاله ثقات إلا أنه منقطع، فقد ذكر الذهبي في "الكاشف" أن رواية عبد الملك بن عمير عن جبر بن عتيك مرسلة. وقول جبرٍ في الوجوب في آخر الحديث: "إذا أدخل قبره" قد جاء في رواية مالك كما سيأتي عند الحديث (٢٣٧٥٣) على غير هذا المعنى، ففيه: أنهم سألوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوجوب، فقال. "إذا مات". ويشهد لحديث جابر بن عتيك هذا حديثُ عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أُمِّه سِيرين قالت: حَضَر موتُ إبراهيم ابن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكنت كلما صحتُ وأختي وصاح النساءُ لا ينهانا، فلما مات نهانا عن الصياح. أخرجه الطبراني في "الكبير" ٢٤/ (٧٧٥) بإسناد ضعيف. قال ابن عبد البر في "التمهيد" ١٩/٢٠٣ -ونحوه في "الاستذكار" له ٨/٣١٢-: فيه إباحة البكاء على المريض بالصياح وغير الصياح عند حضور وفاته، وفيه النهي عن البكاء عليه إذا وَجَبَ موتُه، وفي نهي جابر بن عَتِيك للنساء عن البكاء دليلٌ على أنه قد كان سمع النهيَ عن ذلك، فتأوَّله على العموم، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دعهنَّ -يعني يبكين- حتى يموت، ثم لا تبكيَنَّ باكيةٌ" يريد -والله أعلم-: لا تبكينَّ نياحاً ولا صياحاً بعد وجوب موته، وعلي هذا جمهور الفقهاء: أنه لا بأس بالبكاء على الميت ما لم يخلط ذلك بندبٍ وبنياحة وشقِّ جيب ونَشْر شعرٍ وخَمْش وجهٍ. ثم استشهد على ذلك بأحاديث وآثارٍ ذكرها في كتابه "الاستذكار".