(٢) خبر صحيح، عبد الرزاق -وهو ابن همَّام الصنعاني- لم يسمع هذا الخبر من ابن جُريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- بينهما رباح بن زيد، كما سيرد في التخريج، ورجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ مدينة دمشق" ١٧/ورقة ٣٤ من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه كذلك من طريق الإمام أحمد، عن عبد الرزاق قال: سأل رباح ابنَ جريج عن شيءٍ من التفسير، فقال: إنَّ معمراً.... فذكره. وأخرجه ابنُ أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ٨/٢٥٦، وابنُ عساكر ١٧/٢٤-٣٥ من طريق محمد بن حماد الطهراني، وابن عساكر ١٧/٣٤ من طريق أبي بكر بن عبد الملك، كلاهما عن عبد الرزاق قال: أخبرنا رباح، قال: سألتُ ابنَ جريج عن شيء من التفسير، فأجابني، فقلتُ له: إن معمراً قال كذا وكذا، قال: إن معمراً شرب من العلم ... قلنا: ورباح -وهو ابن زيد- ثقة. وأخرجه ابن عساكر ١٧/٣٤ من طريق أحمد بن شبويه، عن عبد الرزاق، قال: قال رجل لابن جريج حدثنا ... فذكره. وأخرجه ابن عساكر كذلك من طريق هشام بن يوسف، قال: لقيتُ ابن جُرَيْج بمكة، فقال لي: كيف معمر؟ قلت: صالح، فقال: ذاك شربَ ... قال السندي: قوله: شرب من العلم بأنقُع، أي: أنه ركب في طلب الحديث كلَّ حَزْن، وكتب من كل وجه، وهذا مَثَلٌ يُضرب لمن جرَّب الأمور ومارَسَها، وقيل: لمن يعاود الأمور المكروهة. وأنقعُ، جمع قلة لِنَقْع، وهو الماءُ الناقع، والأرضُ التي يجتمع فيها الماء، وأصله أن الطائر الحَذِر لا يَرِدُ المشارع، ولكنه يأتي المناقع ليشرب منها، وكذلك الرجل الحذر لا يتقحَّم الأمور، وقيل: هو أن الدليل إذا عرف المياه في الفَلَوات، حَذِقَ سلوك الطريق التي تؤدي إليها، أي: فالدليل يترك المشارع خوفاً من أن يكون عليها عدوّ، ويختار المناقع، والله أعلم.