وقال عبد الرحمن: مات ابنُ عمر، وهو مثلُ عمر في الفضل، ومن وجه آخر: كان عمر في زمانٍ له فيه نظير، وكان ابنُ عمر في زمان ليس له فيه نظير. وعن سعيد بن المسيب: لو شهدت لأحدٍ أنه من أهل الجنة، لشهدتُ لابن عمر. ومن وجه صحيح، كان ابنُ عمر حين مات خير من بقي. وعن طاووس: ما رأيتُ رجلا أورع من ابن عمر. وجاء بسندٍ صحيح: مر أصحابُ نجدة الحروري بإبل لابن عمر، فاستاقوها، فجاء الراعي، فقال: يا أبا عبد الرحمن، احتسب الإبل، وأخبره الخبر. قال: فكيف تركوك؟ قال: انفلتُ منهم، لأنك أحب إلى منهم. فاستحلفه، فحلف، فقال: إني احتسبتُك معها، فأعتقه. ثم بيعت منها ناقة، فما اشتراها، وقال: قد احتسبتُ الإبل، فلأي معنًى أطلُبُ الناقة؟! وكان له مهراس فيه ماء، فيُصلي ما قُدر له، ثم يصير الى الفراش، فيغفي إغفاء الطائر، ثم يقوم، فيتوضأ ويصلي، ويفعل كما فعل أولاً، يفعل ذلك في الليل أربع مرات، أو خمساً. وأعطي له في نافع عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار، فقيل له: ماذا تنتظر؟ ! فقال: فهلا ما هو خير من ذلك؟ هو حر. وعن نافع أن ابن عمر اشتكى، فاشترى عنقوداً بدرهم، فأتاه مسكين، فقال: أعطوه إياه، ثم إشترى منه إنسان بدرهم، فجاء به إليه، فجاء السائل، فقال: أعطوه، ثم في المرة الثالثة مُنع السائل. ولو علم ابنُ عمر بذلك، لما ذاقه. مات سنة اثنين- أو ثلاث- وسبعين.