للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فسعى إلى مجلسه، فلم يُدرِكْه، إذ ألفاه قد خرج إلى طَرَسُوس لغزو الرُّوم (١) .

وكان أكثرُ سماعه في هذه الفترة على مُحدِّثِ بغداد هُشَيمِ بن بَشيرٍ، وفي مجلسه سَمِعَ الإِمام أحمد بوفاة حماد بن زيد والإِمام مالك بن أنس (٢) ، وظلَّ ملازماً لهشيم حتى وفاته سنة (١٨٣ هـ) ، وكتب عنه أكثرَ من ثلاثةِ آلاف حديث (٣) ، وبدأ يَظهَرُ قدرُ الإِمام أحمد منذ تلك الأيام (٤) .

وبعد وفاة شيخه هُشَيم رحل الإِمام أحمد إلى الكوفة ماشياً - وكانت أولى رحلاته - وله من العمر عشرون سنة، فسمع فيها أبا معاوية الضَّرير (ت ١٩٤ هـ) ، ووكيعاً (ت ١٩٧ هـ) ، وذاع في الكوفة أنه حُجَّة في حديث هُشيم، حتى أن الإِمام وكيعاً سأله ذاتَ مرةٍ عن حديثٍ إنْ كانَ عند هُشَيم؟

فأجابه الإِمام أحمد: لا (٥) . وفي الكوفة حَفِظَ كتبَ وكيع كلَّها (٦) ، وأكثر من الكتابة عنه (٧) ، وكان الإِمام وكيع يُجِلُّهُ ويحترِمُه ويعرف له قدره (٨) .

وفي سنة (١٨٦ هـ) كانت أولى رحلاته إلى البصرة (٩) ، فسمع فيها من مُعتَمِر بن سليمان (ت ١٨٧ هـ) ، وبِشْر بن المفضل (ت ١٨٧ هـ) ، ومرحوم بن عبد العزيز الأُموي (ت ١٨٨ هـ) ، وآخرين.

وكان دائمَ الرِّحلَة بَيْنَ الكُوفة والبصرة يكتب الحديثَ عن شيوخهما، قال ابنُ منيع: سمعتُ جدي يقول: مَرَّ أحمدُ ابن حنبل جائياً من الكوفة، وبيده خريطةٌ فيها كتب، فأخذتُ بيده، فقلتُ: مرةً إلى الكوفةِ، ومرةً إلى البصرة،


(١) السير: ١١ / ١٨٣.
(٢) السير: ١١ / ١٧٩ - ١٨٠. (٣) السير: ١١ / ١٨٣ - ١٨٤.
(٤) السير: ١١ / ٢٣١. (٥) السير: ١١ / ١٨٦.
(٦) السير: ١١ / ١٨٦. (٧) السير: ١١ / ٣٠٧.
(٨) السير: ١١ / ١٨٦ - ١٨٧. (٩) السير: ١١ / ١٨٣، والمناقب: ٢٥.