للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَوْفٍ: إِنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يَقُولُ: لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلَانًا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي قَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أَمْرَهُمْ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ، وَإِنَّهُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى مَجْلِسِكَ إِذَا قُمْتَ فِي النَّاسِ، فَأَخْشَى أَنْ تَقُولَ مَقَالَةً يَطِيرُ بِهَا أُولَئِكَ فَلَا يَعُوهَا، وَلَا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، وَلَكِنْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ، فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، وَتَخْلُصَ بِعُلَمَاءِ النَّاسِ وَأَشْرَافِهِمْ، فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعُونَ مَقَالَتَكَ، وَيَضَعُونَهَا مَوَاضِعَهَا، فَقَالَ عُمَرُ: لَئِنْ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ صَالِحًا لَأُكَلِّمَنَّ بِهَا النَّاسَ فِي أَوَّلِ مَقَامٍ أَقُومُهُ.

فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي عَقِبِ ذِي الْحِجَّةِ، وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، عَجَّلْتُ الرَّوَاحَ (١) صَكَّةَ الْأَعْمَى - فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: وَمَا صَكَّةُ الْأَعْمَى؟ قَالَ: إِنَّهُ لَا يُبَالِي أَيَّ سَاعَةٍ خَرَجَ، لَا يَعْرِفُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَنَحْوَ هَذَا - فَوَجَدْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ عِنْدَ رُكْنِ الْمِنْبَرِ الْأَيْمَنِ قَدْ سَبَقَنِي، فَجَلَسْتُ حِذَاءَهُ تَحُكُّ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ طَلَعَ عُمَرُ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قُلْتُ: لَيَقُولَنَّ الْعَشِيَّةَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ مَقَالَةً مَا قَالَهَا عَلَيْهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ، قَالَ: فَأَنْكَرَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا عَسَيْتَ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَقُلْ (٢) أَحَدٌ؟

فَجَلَسَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ، قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنِّي قَائِلٌ مَقَالَةً قَدْ قُدِّرَ لِي


(١) تحرف في (م) إلى: الأرواح.
(٢) في (ق) : يقله.