قال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره. ومع ذلك فقد كان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه لا يرى أن يكثر أبو هريرة الحديث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد أخرج أبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" ١/٢٨٦ بإسناد صحيح عن السائب بن يزيد، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي هريرة: لتتركن الحديث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو لألحقنك بأرض دوس. قال الذهبي: هكذا هو كان عمر رضي الله عنه يقول: أقلوا الحديث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وزجر غير واحد من الصحابة عن بث الحديث، وهذا مذهب لعمر ولغيره. وقد كان أبو هريرة من الصدق والحفظ والديانة والعبادة والزهادة والعمل الصالح على جانب عظيم، وله في ذلك أخبار كثيرة، ذكر جانبا منها ابن كثير في " البداية والنهاية ". استعمله عمر بن الخطاب على البحرين، وكان مروان بن الحكم يستخلفه على إمارة المدينة في عهد معاوية بن أبي سفيان. وكان ممن نصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان يوم الدار، فحمل سيفه ووقف على باب عثمان مدافعا عنه، إلا أن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه صرفه ومنعه من القتال. توفي أبو هريرة رضي الله عنه سنة تسع وخمسين على المشهور، وكانت سنه إذ ذاك ثمانيا وسبعين سنة، فصلى عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان نائب المدينة، وكان فيمن صلى عليه ابن عمر وأبو سعيد الخدري وخلق من الصحابة والتابعين،