للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخيراً لا بدَّ من التنبيه هنا على أن تحسينَ الحديث الضعيف ضعفاً خفيفاً بتعدُّد طرقه، أو وجود شواهد له، مذهبٌ دَرَجَ عليه حفاظ الحديث ونقاده من الأئمة المتقدمين، أمثال الإمام أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ومحمد بن إسماعيل البخاري وغيرهم، وارتضاه المتأخرون من أهل العلم، وأخذوا به، ومَشَوْا عليه إلى يومنا هذا، وفيما دوَّنَه الحفاظ:

المنذريُّ والعراقي وابن كثير والذهبي وابن حجر والزَّيْلعي وغيرهم في تواليفهم أمثلة كثيرة ئَفُوقُ الحصرَ شاهدة بصحة ما نقول.

ولما كان هذا الأمرُ قد خَفِيَ على بعض من ينتحلُ صناعةَ الحديث في عصرِنا هذا، أو استراب في صحته وأحقيته، وَجَب أن نَبسُط القولَ فيما أُثِر عن الأئمة المتقدمين من إطلاق لفظ الحسن على كثير من الأحاديث التي خَفَّتْ فيها شروط الصحة، لإزالة هذه الشُّبهة من أذهانهم.

قال الحافظ ابن حجر في نُكَتِه على ابن الصَّلاح (١) : وأما عليُّ بن المديني فقد أكثر من وَصْف الأحاديث بالصحة والحسن في " مسنده " (٢) وفي " علله "، وظاهرُ عبارته أنه قَصَدَ المعنى الاصطلاحي، وكأنَّه الإِمامُ السابق لهذا الاصطلاح، وعنه أخذ البخاريُّ ويعقوبُ بن شيبة وغيرُ واحد، وعن البخاري أخذ الترمذيُّ.

فمن ذلك ما ذكره الترمذي في " العلل الكبير " (٣) أنه سأل البخاري عن أحاديث التوقيت في المسح على الخفين، فقال: حديث صفوان بن عسَّال


(١) ١ / ٤٢٦.
(٢) وقد نقل الحافظ ابن كثير في " مسند عمر " قول علي بن المديني في جملة أحاديث: حديث حسن، أو إسناد حسن، أو صالح الإسناد، أو إسناد جيد. انظرها في " مسند عمر " ١ / ١١١ و ١٣٢ و ٢٧٧ و ٢٨٨ و ٣٠٧ و ٣٣٣ و ٣٥٧ و ٥١٢ و ٥٢٦ و ٥٤٤ و ٦٠٥.
(٣) ١ / ١٧٥.