وأخرج ابن أبي شيبة ٨/٤٦٠ من طريق يحيي بن آدم، عن أبي عوانة، عن قتادة، عن أنس: أن عمر قال: لا تنقُشوا ولا تكتبوا في خواتمكم بالعربية. وإسناده صحيح. وأخرج البخاري ١/٤٥٥ عن خليفة بن خياط، عن معاذ بن هشام الدستوائي، سمع أباه عن قتادة، عن أنس: نهى عمرُ أن يُنقش في الخواتيم بالعربية. وإسناده حسن. قلنا: وهذا هو الصحيح عن أنس أنه من قول عمر، وليس مرفوعاً إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما معنى حديث أنس المرفوع، فقد جاء تفسيره في الحديث نفسه عن الحسن البصري عند غير المصنف، فقد قال الحسن: اما قوله: "لا تنقشوا في خواتيمكم عربياً" محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما قوله "لا تستضيئوا بنار المشرك" يقول: لا تستشيروا المشركين في أموركم، ثم قال الحسن: تصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: (يا أيها الذين امنوا لا تتًخذوا بطانة من دُونكم) [آل عمران: ١١٨] . لكن تعقب الحافظُ ابن كثير في "تفسيره" ٢/٨٩ تفسير الحسن هذا فقال: فيه نظر، ومعناه ظاهر: "لا تنقشوا في خواتيمكم عربياً"، أي بخط عربي، لئلا يشابه نقش خاتم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنه كان نقشه محمد رسول الله، ولهذا جاء في الحديث الصحيح أنه نهى أن ينقش أحد على نقشه. وأما الاستضاءةُ بنار المشركين، فمعناه، لا تقاربوهم في المنازل بحيث تكونون معهم في بلادهم، بل تباعدوا منهم وهاجروهم من بلادهم، ولهذا روى أبو داود: "لا تتراءى ناراهما"، وفي الحديث الآخر: "من جامع المشرك أو سكن معه، فهو مثله"، فحمْلُ الحديث على ما قاله الحسنُ -رحمه الله- والاستشهادُ عليه بالآية، فيه نظر، والله أعلم.