للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم بيّن سبحانه أن تخلفهم ليس لعذر وإنما هو تخلف نفاق فقال: بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً: طمعا أن يستأصلهم العدو وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ زيّنه لكم الشيطان والهوى وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ: وهو أنهم لن يرجعوا وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً هلكى.

وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً: نارا مسعّرة وهو تسجيل عليهم بالكفر، ثم بيّن سبحانه أنه المتصرف في الكون كله على حسب مشيئته فقال: وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً: فمن تاب منكم وندم فباب المغفرة مفتوح له.

ثم بيّن سبحانه أن هؤلاء المتخلفين لا همّ لهم إلا المغنم، ولا يعنيهم نصرة الإسلام فقال: سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ هي مغانم خيبر. يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ هو ما وعد الله أصحاب بيعة الرضوان أن مغانم خيبر لهم واحدهم لا يشاركهم فيها غيرهم من الأعراب المتخلفين. قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ: أي من قبل مرجعنا إليكم أن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية. فَسَيَقُولُونَ: بَلْ تَحْسُدُونَنا أن نشرككم في الغنائم، فردّ الله عليهم زعمهم فقال: بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا الفقه: الفهم والعلم.

ثم بين سبحانه أن لهم فرصة لتدارك ما فاتهم والتكفير عن سيئاتهم فقال:

قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ: هم بنو حنيفة وأضرابهم من المرتدين، وقيل: أهل فارس والروم تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ أي ينقادون إليكم بلا قتال ويدخلون في سلطانكم فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً النصر في الدنيا والثواب في الاخرة. وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ في الحديبية يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً: بالذلة في الدنيا والعذاب في الاخرة، ثم بين سبحانه أصحاب الأعذار في القعود عن الجهاد، فمنها لازم كالعمى والعرج، ومنها عارض كالمرض فقال: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ الاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>