للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المسلمين معاينةً؛ فلذلك كانا (١) أبلغَ من الأول والثاني، قال : ليس الخبرُ كالمعاينة" (٢)، رواه ابن عباس ، لم يروه أحدٌ غيره، إلا أن الاعتبار بحال المحتضرين غيرُ ممكن في كل الأوقات (٣)، وقد لا يتفق لمن أراد علاج قلبه في ساعةٍ من الساعات، وأما زيارةُ القبور: فوجودُها أسرع، والانتفاعُ بها أليقُ وأجدرُ، فينبغي لمن عزم على الزِّيارة أن يتأدب بآدابها، ويحضر قلبَه في إتيانها، ولا يكونُ حظُّه منها التطواف (٤) على الأجداثِ فقط؛ فإنَّ هذه حالة تشاركه فيها بهيمةٌ (٥)، ونعوذ بالله من ذلك، بل يقصد بزيارته وجه الله تعالى، وإصلاح فساد قلبه، أو نفعَ الميت بما يتلو (٦) عنده من القرآن على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى (٧)، ويجتنبُ المشيَ على المقابر، والجلوسَ عليها إذا دخل المقابر، ويخلعُ نعلَيه، كما جاء في الحديثِ (٨)، ويسلم إذا دخل المقابر (٩)، ويخاطبهم خطابَ الحاضرين فيقول: " السلامُ عليكُمْ دار قوم مؤمنين" (١٠)، كذلك كان يقولُ، وكنّى (١١) بالدار عن عُمَّارِها وسكانها، ولذلك خاطبهم بالكاف والميم؛ لأنّ العرب تعبرُ بالمنزل عن أهله، وإذا وصل إلى قبرِ ميِّتِهِ الذي يعرفه سلّم (١٢) عليه أيضًا، فيقول: عليك السلام.


(١) في (ع): كان.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ١/ ٢١٥، ح ١٨٤٢؛ والحاكم في المستدرك ٢/ ٣٥١، ح ٣٢٥٠ وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه؛ وابن حبان في صحيحه بترتيب ابن بلبان ١٤/ ٩٦، ح ٦٢١٣، كلهم من حديث ابن عباس ، قال الألباني: صحيح، انظر: صحيح الجامع الصغير ٥/ ٨٧، ح ٥٢٥٠.
(٣) في (ع): وقت.
(٤) في (ع): التطوف.
(٥) كلمة (بهيمة) جاءت نكرة في جميع النسخ.
(٦) في (ع، ظ): يتلوه.
(٧) سيأتي التعليق إن شاء الله على هذه المسألة في باب ما جاء في قراءة القرآن عند القبر ص (٢٧٥ - ٢٧٧).
(٨) في (ظ): أحاديث. لعل المصنف يشير إلى الحديث الذي أخرجه النسائي في المجتبى ٤/ ٩٦، ح ٢٠٤٨؛ وأبو داود ٣/ ٢١٧، ح ٣٢٣٠ وفيه: " فرأى رجلًا يمشي بين القبور في نعليه، فقال: يا صاحب السبتيتين ألقهما".
(٩) جملة (ويخلعُ نعلَيه، كما جاء في الحديث، ويسلم إذا دخل المقابر): ليست في (ع).
(١٠) جزء من حديث عائشة أخرجه مسلم ١/ ٢١٨، ح ٢٤٩.
(١١) في (ع): ويكني.
(١٢) في (ع): يسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>