للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ : هذا يقوله في زمانه، فكيف في زماننا هذا الذي يُرى (١) فيه الإنسان مكبًّا على الظلم مُصرًا (٢) عليه لا يقلع والسُبْحَةُ (٣) في يده زاعمًا أنه يستغفر من ذنبه، وذلك استهزاء منه واستخفاف، وممن اتخذ آيات الله هزوًا، وفي التنزيل: ﴿وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا﴾ [البقرة: ٢٣١].

وروي عن علي وقد رأى رجلًا قد فرغ من صلاته وقال: اللهم إني أستغفرك وأتوبك إليك سريعًا، فقال له (٤): يا هذا إن سرعة اللسان بالاستغفار (٥) توبة الكذابين (٦)، وتوبتك تحتاج إلى توبة، قال: يا أمير المؤمنين وما التوبة؟ قال: اسم يقع على ستة معان: على الماضي من الذنوب الندامة، ولتضييع الفرائض الإعادة، ورد المظالم إلى أهلها، وإذابة النفس في الطاعة كما أذابها (٧) في المعصية، وإذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذاقها (٨) حلاوة المعصية، والبكاء بدل كل ضحك ضحكته.

وقال أبو بكر الورّاق (٩): التوبة أن تكون نصوحًا، وهو أن تضيق عليك الأرض بما رحبت، وتضيق عليك نفسك كالثلاثة الذين خلفوا.


(١) في (ظ): نري.
(٢) في (الأصل): مصرٌ، وفي (ع، ظ): حريصًا، وما في الأصل خطأ نحوي، والصواب بالنصب؛ لأن الفعل (رأى) ينصب أكثر من مفعول، ويدل عليه الفرق الذي في نسختي (ع، ظ).
(٣) قال الجوهري) السُبْحَةُ بالضم: خَرَزَاتٌ يُسبّح بها، الصحاح ١/ ٣٧٢.
يقول بكر بن عبد الله أبو زيد: إن مَن وقف على تاريخ اتخاذ السُّبْحة، وأنها من شعائر الكفار من البوذيين والهندوس والنصارى وغيرهم، وأنها تسربت إلى المسلمين من معابدهم علم أنها من خصوصيات معابد الكفرة، وأن اتخاذ المسلم لها وسيلة للعبادة بدعة ضلالة، وهذا ظاهر بحمد الله. ا. هـ، السُّبْحَة تاريخها وحكمها ص (١٠١).
(٤) (له): ليست في (ظ).
(٥) في (ع): الاستغفار باللسان.
(٦) إلى هنا ذكره الغزالي في إحياء علوم الدين ٤/ ٤٧.
(٧) في (ظ): أذبتها.
(٨) في (ظ): أذقتها.
(٩) الإمام المحدِّث أبو بكر، محمد بن إسماعيل بن العباس البغدادي المستملي الورّاق، مات سنة ١٣٧ هـ، السير ١٦/ ٣٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>