للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فموضوع عقيدة القرطبي خاصة في باب الأسماء والصفات يحتاج إلى دراسة مستقلة أوسع من هذه، فربما يتمكن الباحث المتفرغ لدراسة عقيدة القرطبي من التوصل إلى نتيجة أعمق، وربما يصل إلى ما لم أصل إليه من كتب، وبالجملة فموضوع عقيدة أبي عبد الله القرطبي ما زال يحتاج إلى المزيد من البحث والتقصي والمقارنات، خاصة إذا علمنا أن للقرطبي جهودًا جيدة في الرد على الصوفية، وسيأتي نماذج منها في الفقرة التالية.

- وأما موقف المؤلف من الصوفية فهو يكثر من الرد على انحرافاتهم وبدعهم، وهذه بعض النصوص التي توضح ذلك:

"قوله تعالى: ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾ [النحل: ٦٩]، دليل على جواز التعالج بشرب الدواء، وغير ذلك خلافًا لمن كره ذلك من جلة العلماء، وهو يرد على الصوفية الذين يزعمون أن الولاية لا تتم إلا إذا رضي بجميع ما نزل به من البلاء، ولا يجوز له مداواة" (١).

"قوله تعالى: ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ [الكهف: ٦٢]، فيه مسألة واحدة: وهو اتخاذ الزاد في الأسفار، وهو رد على الصوفية الجهلة الأغمار، الذي يقتحمون القفار زعمًا منهم أن ذلك هو التوكل على الله الواحد القهار، هذا موسى نبي الله وكليمه من أهل الأرض قد اتخذ الزاد مع معرفته بربه، وتوكله على رب العباد" (٢).

"وسئل الإمام أبو بكر الطُّرْطُوشِي (٣) : ما يقول سيدنا الفقيه في مذهب الصوفية، وأُعْلِمَ - حرس الله مدته - أنه اجتمع جماعة من رجال فيكثرون من ذكر الله تعالى وذكر محمد ، ويقوم بعضهم يرقص، ويتواجد


(١) الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٩٠ فقرة رقم ١٣٦.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١١/ ١١ فقرة ١٣.
(٣) هو: محمد بن الوليد بن خلف، أبو بكر الطرطوشي، الإمام القدوة، شيخ المالكية في زمانه، وهو القائل في كتاب إحياء علوم الدين للغزالي: وهو لعمرو الله أشبه بإماتة علوم الدين، من كتبه "سراج الملوك"، وله كتاب في الخلاف، توفي سنة ٥٢٠ هـ، انظر: سير أعلام النبلاء ١٩/ ٤٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>