للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧].

وروينا عن عبد الله بن عمرو إنه سمع رسول الله يقول: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحدٍ يصرفها كيف شاء، ثم قال رسول الله : اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك" (١) ومثله كثير.

قيل له: اعلم أن الإصبع قد تكون بمعنى الجارحة، والله تعالى مقدس (٢) عن ذلك، وتكون بمعنى القدرة على الشيء ويسارة تقليبه (٣): كما يقول من استسهل شيئًا واستخفه مخاطبًا لمن استثقله: أنا أحمله على أصبعي، وأرفعه بإصبعي، وأمسكه بخنصري، وكما يقول من طاع بحمل شيء: أنا أحمله على عيني، وأفعله على رأسي: يعني به الطواعية، وما أشبه ذلك مما في معناه وهو كثير، وقد قال عنترة وقيل ابن زيادة التيمي (٤):

الرمح لا أملأ كفي به … واللبد (٥) لا أتبع تزواله (٦)


(١) أخرجه مسلم ٤/ ٢٠٤٥، ح ٢٦٥٤.
(٢) في (ع، ظ): تقدس.
(٣) هذه التأويلات يرد عليها بالأوجه التي أوردها ابن القيم في الرد على تأويلات صفة اليد، انظر: ص (٤٧٠)، وسئل الإمام سفيان بن عيينة عن حديث: "أن الله يجعل السماء على إصبع" وحديث: "إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن" وأنه ﷿: "ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة" ونحو هذه الأحاديث، فقال: هذه الأحاديث نرويها ونُقرّ بها كما جاءت بلا كيف. وقال أبو بكر الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن واصل المقرئ، حدثنا الهيثم بن خارجة، حدثنا الوليد بن مسلم قال: سألت مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي عن الأخبار التي في الصفات فقالوا: أمروها كما جاءت. قال يحيى بن عمار وهؤلاء أئمة الأمصار: فمالك إمام أهل الحجاز، والثوري إمام أهل العراق، والأوزاعي إمام أهل الشام، والليث إمام أهل مصر والمغرب، انظر: ذم التأويل لموفق الدين بن قدامة المقدسي ص (١٩ - ٢٠).
(٤) هكذا في جميع النسخ، ولم أقف على ترجمة بهذا الاسم، ولعله: الشاعر الجاهلي ابن زباية التيمي، ذكر أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني ١٩/ ٢٢ بعضًا من أخباره.
(٥) في (الأصل): والليد، وتصويبه من (ع، ظ).
(٦) ذكره البيهقي في الأسماء والصفات ٢/ ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>